Posted by Scientific Literature magazine مجلة الأدب العلمي | 0 comments

الانتقال الفوري الكوانتي ....الأدب العلمي العدد الثامن

د. مخلص الريس

هل خطر على بالك أن تسافر في يوم من الأيام عبر الأثير إلى مدينة نيويورك في ثانية واحدة وربما أقل (أي فورياً) ؟ هل خطر على بالك في يوم من الأيام أن تنقل عرش محمد علي الكبير ، أو عرش القيصر الروسي إلى بيتك خلال ثانية واحدة ؟ وفق نظرية نيوتن فهو أمر مستحيل ، فوفق قوانين الفيزياء التقليدية فالمادة(مصنوعة من كرات صغيرة جداً ) لا تتحرك تلقائياً ما لم يتم دفعها بجسم آخر أو بتطبيق قوة عليها ، كما أنها لا تتمتع بأي خاصة موجية تسمح لها بالاختفاء في كون وظهورها في عالم آخر . لكن الفيزياء الكوانتية فعلت هذا !
فإذا كانت محصلة القوى الخارجية المؤثرة عليها معدومة وكانت في الأصل ساكنة بقيت ساكنة ، وإذا كانت في الأصل متحركة بقيت متحركة بحركة مستقيمة منتظمة وسرعتها ثابتة . وهذا هو مبدأ العطالة الكتلية الشهير . وفق هذا العلم فإن للذرات خواص موجية تلبي ما تفترضه نظرية التكميم وتتنبأ به وفي كل الحالات. وهكذا أطيح بقوانين نيوتن والتي ظل العلماء يستعملونها مدة تزيد عن ثلاثمئة سنة. كان أبطال هذا التغيير كل من العلماء هازنبيرغ، وشرودنغر، وماكس بلانك، وماكسويل، لأنهم وجدوا خلال أبحاثهم أن للإلكترونات خواص موجية وكذلك للذرات. مما يعني أن الإلكترونات توصف على أنها موجات معادلتها الشهيرة من الشكل :

وهذه الجسيمات قادرة على تحقيق قفزات كمومية أثناء حركتها العشوائية ضمن الذرة . حلولها تعطي أجوبة صحيحة من أجل جميع المسائل الفيزيائية والكيميائية وتتنبأ بصيغة المركب الناتج وأنواع الروابط الإلكترونية فيها وطاقاتها . بالإضافة لذلك ومما زاد في شرح هذه المعادلة هو ادعاء اينشتاين أن للضوء
خواص الدقائق المادية وأنه حبيبات طاقية مهتزة واهتزازاتها كهرطيسية تدعى الفوتونات. وصف نيلز بور مدارات الإلكترون حول النواة بأنها دائرية مستوية، لكن هذا الوصف كان خاطئاً ويجب استبدالها بموجات احتمالية تحيط بالنواة وليست مدارات دائرية . هذه المدارات الاحتمالية تخبرنا عن احتمال العثور على الكترون معين في مكان ما في وقت ما والمعادلة الموجية تعطي تلك الاحتمالية . مما يعني إمكانية اختفاء الالكترون في مكان وظهوره في مكان آخر وربما في عدة أماكن أخرى . على هذا لو استطعنا تعميم هذه الظاهرة على ذرات أجسادنا وحسبنا احتمالات انحلالها في مكان ( الغرفة ) ثم عودتها إلى الظهور على الطرف الخارجي من الغرفة .. والحقيقة أن على الإنسان الانتظار فترة زمنية أكبر من عمر الكون نفسه ليتم الأمر . بعض العلماء رغم اقتناعه بصحة نظرية الكم إلا أنه مازال في قلبه غصة منها فكيف نستبدل ما هو واضح بما هو احتمال وصدفة مع أن مخلوقات الخالق واضحة وليست احتمالية والله لا يلعب النرد ويعتمد الصدفة والاحتمال في مخلوقاته . ولو حسبت احتمال نقل جسمك لوجدت أن أمواج ذرات جسمك المفكك تهتز في كل الاتجاهات وتمتد أشكالها حتى تبلغ النجوم البعيدة، وستجد نفسك وقد ظهرت على كوكب بعيد . النقل الفوري البعيد( نقل الأشخاص، نقل الأجسام ..) هي تقانة حديثة ستغير مجرى التاريخ إن تحققت، قد يكون الانتقال موضعياً آنيا، وقد يكون فيه ارتحال للماضي أو دخول لعالم المستقبل . في هذا النوع من الانتقال سوف تتغير كل الأحداث على وجه البسيطة، فالإنسان طوال حياته وعلى مر الدهور والعصور يحلم بوسيلة تحقق له هذه الأمنية.. وها قد ظهرت بشائرها، فإذا تحقق هذا الحلم المدهش، فسيكون التنقل بالسيارات والقطارات وحتى الطائرات من الأساليب القديمة التراثية الكلاسيكية التي عفا عنها الزمن . والحقيقة أن النقل الفوري ذُكِرَ في الأساطير كثيراً، ويقوم به كثير ممن يمارس الخدع البصرية مثل سحب أرنب من قبعة الساحر أو إخفاء فيل في قفصه بتدوير مرايا شريطية شاقولية بزاوية 45 درجة بحيث تري الناظر طرف القفص الجانبي الخالي . وكثير من قصص الخيال العلمي وأفلامه عالجت مثل هذه المواضيع مثل قصة رجل بلا جسم (حيث فكك عالم ذرات قطة ونقلها عبر سلك التلغراف وجمعها في موضع آخر، لكن عندما نقل ذرات جسده نفدت البطارية ولم يتمكن من نقل رأسه). وفي بعض الروايات مات المحقق شرلوك هولمز . ثم عاد المؤلف وأحياه مرة ثانية في رواية جديدة كأنه يوحي بوجود إمكانية للعودة للحياة لكن في مكان آخر . كاتب آخر اخترع شخصية جديدة هي البروفيسور تشالنجر الذي يعمل في عوالم ما وراء الطبيعة والنقل الفوري البعيد، ففي يوم ما قابل تشالنجر رجل اخترع آلة تفكيك بإمكانها تفكيك كل شيء بما فيها مدن بكبسة زر، واستطاع البروفيسور استخدام هذه الآلة وفكك الرجل ولم يجمعه ثانية ليجنب العالم جرائم هذا الرجل . كما يجب أن لا ننسى فيلم الذبابة الذي حاول فيه رجل نقل نفسه فورياً، لكن الذي حدث أن دخلت صدفة ذبابة إلى حجرة التفكيك لحظة تفكيك ذرات جسده فاختلطت مع ذرات جسم الذبابة والنتيجة هو مسخ بشع نصفه بشر ونصفه الآخر ذبابة.

ماذا تقول الفيزياء ؟ 

اهتم علماء الفيزياء كثيراً بهذه المسألة , فمن أجل نقل جسم إنسان فورياً يجب أن نعرف موقع وموضع كل ذرة من جسمه الحي ولكن يجب الانتباه لمبدأ العالم هازنبيرغ في الشك والارتياب الذي يقول إن معرفة إحداثيات كل ذرة من ذرات الجسد البشري سيكون على حساب حركته وسرعته في نفس اللحظة، وإذا عرفت سرعته تماماً ضاع عليك إحداثيات موضعه, لذلك فإن أي خطأ في إحداثية ذرة سوف تعطي مخلوقاً آخر خاصة عند نقل شرائط ال (DNA ) الوراثية . ونفس الأمر بالنسبة للسرعة . لأنه لا يمكن معرفة موضع الجسم وسرعته بآن واحد أي :
Δ X . Δ V ~ h / 2 π
حيث Δ X هي موضع الجسيم، Δ V سرعة الجسيم، h ثابت بلانك.

كرة احتمالية 

الحقيقة أن الالكترون في لحظة ما أثناء دورانه حول النواة يرسم كرة موجية احتمالية وهو موجود بداخلها، وعندما تتحد ذرتان فإن الكرتين الاحتماليتين للإلكترونين من الذرتين هما اللتان تتحدان مع بعضهما البعض، والمشاركة الإلكترونية بين الذرتين هي التي تفسر تماسك جزيئات أجسامنا معاً، حقيقة تقول : إنه إذا لم يكن هناك تكميم موجي للمادة ووجود الرابطة الاحتمالية بين الالكترونات فإن جزيئات وذرات أجسامنا ستزول فوراً . ظن بعض العلماء أن ما يصح داخل نواة الذرة لا يصح على الأجسام الكبيرة كالبشر، فالجسم البشري يحتوي تريليونات التريليونات من الذرات والالكترونات ولو كانت هذه الدقائق مهتزة أو قافزة فأعدادها الهائلة تعادل حركاتها وتتفانى، لهذا تبدو المواد صلبة . ومع ذلك من الممكن صناعة آلة نقل فوري للمادة .

تجربة EPR

 وهي تنسب للعلماء اينشتاين وبودولسكي وروزن، فهؤلاء العلماء حاولوا قتل وإلغاء فكرة الاحتمالية الموجية، وأنها غير موجودة أصلاً، لكن أتت النتائج عكس ما كان متوقعاً منها، أي أتت مؤيدة لنظرية الكوانتم تماماً . اكتشف في السنوات القليلة القريبة أنه إذا اهتز الكترونان بتوافق وتناغم ، أي كانا في حالة طنين وتجاوب فيما بينهما فسوف يظلان في حالة من التناغم الموجي مهما كانت المسافة بينهما، ولو كانت المسافة بينهما سنوات ضوئية، وشودنغر أوجد المعادلة التي تربط بينهما وكأنها حبل سري، ليكن أحدهما يدور حول نفسه باتجاه للأعلى مثلاً فيكون الآخر يدور حول نفسه للأسفل والدوران الكلي للنظام كله صفراً. وأن لو حدث شيء لأحد الكترونين فستنقل المعلومات فوراً إلى الإلكترون الآخر، أي يوجد بينهما نوع من التواصل الكمومي العميق عبر الكون كله ويتم في نفس اللحظة وبأسرع من الضوء، لذا حاول اينشتاين أن يستغل هذه الثغرة ويقضي على نظرية الكوانتم . باعتبار أن سرعة الضوء هي أعلى سرعة في الكون . لكنه فشل في ذلك .
في عام 1993 قامت شركة ( IBM) بإجراء تجربة ( EPR ) نفذها فريق من العلماء على رأسهم العالم تشارلز بينيت، وتمكنوا فيها من نقل معلومات بدقة كبيرة عبر جسم مادي . بعد هذه التجربة تمكن الفيزيائيون من نقل فوتونات ضوئية، ثم توالت التجارب واستطاع العلماء من نقل ذرات عنصر السيزيوم ويحاول العلماء حالياً نقل أول جزيء ( DNA ) وأول فيروس، لكن مثل هذا العمل ربما احتاج عدة عقود لإنجازه . تحتاج آلية نقل المعلومات من جسيم لآخر بطريقة( EPR ) إلى أن يكونا مترابطان وإلى جسيم ثالث مرتبط بأحدهما. فتنتقل معلومات الجسيم الأول للآخر عبر وسيط هو الجسيم الثالث . هنا سوف تختفي معلومات الجسيم الأول ويدمر ، ولو كان إنساناً فسوف يموت، لكن المحتوى المعلوماتي لجسمه سيظهر في مكان آخر . فور الإعلان عن هذا الاكتشاف والنجاح في نقل المعلومات، صار التنافس شديداً في مراكز البحث العلمي . وتمكن بعضها في عام 1997 من نقل فوري لفوتونات الضوء البنفسجي وتم ذلك في جامعة إنغسبورك، ولفوتونات ضوئية عادية وبدقة كبيرة في عام 1997 في جامعة كاليفورنيا . وفي عام 2004 تمكن فيزيائيون في النمسا من نقل الضوء مسافة 600 متر عبر ليف ضوئي . وتلاها تجربة نقل فوري لذرات فعلية، واستطاع بعدها فيزيائيو المعهد الوطني للمواصفات والتقانة في واشنطن من نقل فوري لثلاث ذرات عنصر البريليوم ، ثم نقلت بعد ذلك ذرات الكالسيوم . في عام 2006 تمكن العلماء من نقل في معهد ماكس بلانك في ألمانيا وفي معهد نيلز بور في كوبنهاغن من نقل فوري لجسيم كبير بربط شعاع ضوئي مع غازات من ذرات السيزيوم حيث قاموا بتشفير معلومات في نبضات ليزرية وتم عملية نقل فوري لها لذرات السيزيوم لمسافة حوالي نصف متر . في هذه التجربة تم نقل فوري كمومي لمعلومات بين ضوء ليزري حامل للمعلومات وذرات عنصر السيزيوم .

النقل الفوري الكمومي الفوري بدون

 في عام 2007 اقترح بعض العلماء وهم بالتحديد العالم الفيزيائي آستون برادلي من استراليا طريقة جديدة في النقل الفوري الكمومي لا تعتمد على الترابط، إذ يعتبر الترابط بحد ذاته في الحالة العادية مشكلة ، والآن أمكن التخلص منه في هذه الطريقة .. هكذا فتحت آفاق جديدة لآلية النقل الفوري الكمومي . تعتمد هذه الطريقة إلى تحويل ذرات عنصر الروبيديوم إلى شعاع، وهذا الشعاع مكون من خمسة آلاف جسيم من ذرات عنصر الروبيديوم بحيث يختفي من مكان وتعود الذرات للظهور مرة أخرى في مكان آخر، أي تحويل معلومات الجسيمات كلها إلى شعاع ضوئي ويمرر هذا الشعاع الضوئي عبر سلك من ألياف بصرية، بعد ذلك يعاد تشكيل الذرات في موقع بعيد، سميت هذه الطريقة بالنقل الفوري الكلاسيكي رغم أنها تعتمد كلياً على نظرية الكمومية لكن بدون ترابط، هكذا انجز الكثير من أجل النقل الفوري للأجسام الكبيرة .. ألا وهي الذرات المادية . وكأن هذه الطريقة اقرب إلى أن تكون خيالية . إن المفتاح لهذا النموذج في النقل الفوري الكمومي اللامرتبط هي فيزياء تكاثف بوز _ اينشتاين( BEC ) والمادة في حالة تبريد شديد ( في الدرجة 3 كلفن ) أي في درجة حرارة 270 تحت الصفر المئوي، هي درجة حرارة الكون الباقية من الانفجار الكبير، في هذه الحالة تكون ذرات الكون في أخفض مستوى للطاقة وجميعها تهتز بتزامن وبتناسق وتوابعها الموجية متداخلة وكأن المادة ذرة فائقة ضخمة ذراتها مهتزة بتزامن مع بعضها البعض .


آلية عمل جهاز (BEC)

عمد برادلي إلى تبريد ذرات الروبيدم لدرجة فائقة من البرودة وجعلها في حالة طاقية من تكاثف بوز  اينشتاين. أي جعلها شعاعاً يحمل كل المعلومات الكمومية اللازمة لوصف شعاع المادة الأصلي ( من موقع الذرات كلها وسرعاتها كلها ) ، وهي تميل إلى العودة إلى الحالة الدنيا من الطاقة بصرف طلقتها على شكل نبضة ضوئية تمرر عبر ألياف بصرية ، بعد ذلك تصدم هذه النبضة الضوئية بشعاع BEC)) آخر، هذا الصدم يحول النبضة الضوئية إلى شعاع مادة أصلي . على هذا يأمل الفيزيائيون في إجراء النقل الفوري للجزيئات ثم لجزيء ال ( DNA ( وحتى لفيروس ثم نقل إنسان خلال عقود ، لأنه لا يوجد ما يمنع ذلك . وكل ما يلزم هو تقنية فائقة في إحداث تجانس بين فوتونات ضوئية وذرات منفردة .

النقل الفوري الكمومي والحاسبات الكوانتية

 العلاقة بينهما وثيقة لأنهما يعملان على تقنية كوانتية نفسها، فالحواسيب الحالية تعتمد مبدأ الأرقام الثنائية من أصفار وآحاد والتعبير عن ( BIT ) ، لكن الحواسيب الكوانتية تحسب على جزء من كوبيت (QUBIT ) وهو يأخذ قيم عددية بين الصفر والواحد . لنفرض ذرة في حقل مغناطيسي فالتجربة تقول إنها تدور حول نفسها وعزم دورانها متجه نحو الأعلى أو الأسفل فقط . لكن في عالم الكوانتم يدور مجموع الحالتين، وتشبه هذه الحالة كإضافة تابع موجي لقطة حية إلى تابع موجي لقطة ميتة . فلا هي حية ولا هي ميتة . فمن أجل سلسلة من ذرات ضمن حقل مغناطيسي من هذا النوع من الدوران المختلط، فلو سلط شعاع ليزري عليها فهو سيرتد ويزيح محور دوران كل منها . وبقياس الفارق بين الشعاع الليزري الداخل والخارج وباستخدام حواسيب كمومية نستطيع القيام بنقل فوري كمومي . وكل ما يلزم هو حدوث تناسق بين اهتزازات الذرات فيما بينها ومع الحاسب الكمومي، وسيدخل في هذا الموضوع فيزياء النانو .
يُظن أن رواد فضاء زاروا الأرض قديماً و الشهادات كثيرة على ذلك فكثير من الآثار الفرعونية والصينية والآزيتيكية والحضارة الماوية تحدثت عن ذلك، لعل هذه الزيارات تمت بين كوكبهم وكواكب أخرى وهي الأرض، أو ربما أتوا من كوكب ليس في مجرتنا، وطبيعي أنهم استعملوا طرقاً متقدمة في الارتحال مثل التي نبحث نحن فيها الآن، وهذا شيء متوقع خاصة إذا علمنا أنهم موجودون في الكون قبلنا. ربما هذا يفسر ظاهرة الصحون الطائرة والرسوم العملاقة المرسومة على الأرض التي لا يمكن لإنسان أن يرسمها . وبالفعل تم العثور على جثة قديمة محنطة تركيبها ليس أرضياً وفقدت أثناء نقلها من مصر إلى روسيا، وقد نقلت إلى هناك بغية دراستها. وما الأهرامات الموجودة في مصر إلا منارات ترشد مراكبهم أثناء قطعهم المسافات الفلكية الهائلة بالسرعات شبه الفورية .

مجلة الأدب العلمي  العدد الثامن   ظواهر وخفايا

0 comments: