Posted by Scientific Literature magazine مجلة الأدب العلمي | 0 comments

قراءة في محاورة أفلاطون ....الأدب العلمي العدد الثامن والعشرون


لؤي خليل

الفيلسوف اليوناني رائد القرن الرابع قبل الميلاد ، عرف بمحاوراته الشهيرة ، وتناول في هذه المحاورات  محاورتان ألفهما أفلاطون في أوج حياته الفكرية هما محاورتا (الجمهورية أو المدينة الفاضلة ) و(النواميس) .
كان أفلاطون من المؤسسين الأوائل لما يسمى المشروع الفلسفي والعودة إليه لا تعني العودة إلى فترة تاريخية مضى عهدها وانقطعت صلتها بالحاضر ، ففلسفته لاتزال الأساس الذي قامت عليه الحضارة الغربية بصورتها الراهنة.
فللفلسفة مهمة لديه وهي البحث عن الحقيقة ، يقول الحقيقة المطلقة الخالدة والتي يتعذر بلوغها والعثور عليها في عالم المادة لأن المادة ناقصة وفي حال تغير مستمر.
ورأى أفلاطون في العلوم الرياضية برهاناً على وجود الحقائق الثابتة ، وفي محاورته "الجمهورية " كتب أفلاطون عن الهوة التي تفصل عالم الأفكار (المثل) عن عالم المادة فعالم الأفكار يجد في ذروته فكرة "الخير المطلق " مصدر كل معرفة حقيقية .إن عالم المادة المتغير على الدوام ،لا يمكن أن يكون موضوع ثقة . ويحتاج الإنسان ، ليتقدم نحو فكرة الخير المطلق ، أن يحرر نفسه من المادة والحواس التي تضلل وتوقع في الخطأ :الخطأ بمعنييه ،المعرفي والأخلاقي فالخير المطلق والمعرفة المطلقة متطابقتان في فلسفة أفلاطون.
فما هو السبيل لبلوغ الحقيقة المطلقة ، ويحدثنا أفلاطون هنا عن منهج المعرفة أو البحث الفلسفي.
يبدأ التفلسف بوضع الرأي موضع السؤال لمعرفة ، ما هو الرأي القويم وكيف يتميز عن الرأي الخطأ ، فما هو الفرق بين الرأي والحقيقة ؟ .فالتفلسف لا يقتصر على كشف تناقضات الرأي ، بل يتعداه إلى نقد وجود أي ثقافة يعتقد أن "الرأي " يتطابق مع المعرفة أو مع الحقيقة.
وهكذا فإن المرحلة الأولى للفلسفة تبدأ بتعرية الرأي وهز اليقين به والعمل على بناء وجود تصبح فيه الحقيقة غاية المعرفة من جهة ووسيلة توطيد النظام العادل في الجماعة من جهة أخرى.
فعلام يقوم الرأي .. وماهي حججه ؟ على واقع جزئي يعده كل الواقع . على مدركات الحواس والتجربة الحسية ، على الرغبة والأهواء. وهكذا فإن التناقضات التي تظهر في الرأي ، توجد في مصدره ، فالخضوع إلى الرغبات المتعددة والمتناقضة ينتهي الى آراء ذاتية تنطلق من منظور واحد تدافع عنه بصفته صورة لليقين . وبدلاً من البحث عما هو حقيقة فعلاً يستسلم إلى ما يرضي الرغبة المباشرة . فالخطأ المعرفي والشر الأخلاقي ، بصفتهما وجهين لأمر واحد ، في رأي أفلاطون يرجعان إلى هذا الوضع المنحرف للتفكير، ومهمة الفيلسوف تقويم الانحراف عن الحقيقة وعن الخير، ولكن ماهي الطريقة؟
إن ما نعرفه عن أفلاطون أن كتاباته برمتها محاورات حيث يقوم سقراط بدور المعلم يسائل فتيان المدينة وكهولها في أمور كثيرة ،منها مشكلة تشغل بال العصر ، مشكلة العدالة ومشكلة التربية ، وماهي الطريقة الأفضل لإعداد الناشئة حتى تقترب من النظام العادل ؟ وما هو المنهج الذي يضعنا على طريق المعرفة ؟ هنا يبرز منهج الحوار وقيمته في بناء المعرفة وفي بناء التربية. إن المحاورة الأفلاطونية لا تعين موضوعاً للبحث بسبب اهتمامها ، بل لتجعل الفكر أكثر قدرة على التفكير في الموضوعات كلها أو أيضاً لتجعله "أكثر إبداعاً "فالمحاورة في انطلاقها الأساسي لا ترمي إلى تقديم معلومات ، بل إلى إعداد الفكر.  فهي ليست درساً واثقاً في مضمونه ، بل الصورة الحية لمنهج في البحث في الغالب يبحث عن نفسه.
الحوار إذن يختلف عن الدرس المقرر، ويختلف عن الخطاب المقنع ، إنه أسلوب جديد في الكلام يسعى سقراط إلى وضعه مكان كلام قديم ، مكان تقنية يعلمها المعلم السوفسطائي لتلاميذه. "الحوار لا يعلم ما تلزم معرفته بل يعلم ما هو السلوك الذي يجب تجنبه ، اذا كنا نريد سلوك طريق المعرفة. فالمعلم في الحوار لا يطلب موافقة التلميذ .. بل يقترح عليه عملية انتزاع ، ويكفي أن يوافق المتكلم على الحوار ، يخرج من الكلام (المونولوج) حتى تتغير المواقف".
"في الحوار يتجابه قولان .. و رأيان وانفعالان ويكفي أن يدرك أحد المتخاطبين أن المجابهة وصلت إلى الطريق المسدود ...حتى ينبثق نموذج جديد للقول".
تعلم أفلاطون من سقراط ضرورة الحوار لا لمجرد الكلام . بل ليشعر الآخر ، شيئاً فشيئاً ، بعبث كلامه وتناقضه .
وحين يرجع المخاطب الى اضطرابه ،وحين يعاني ، في اختلاط الأمر عليه ، استعصاء الكلام وضرورته في الوقت ذاته ... تتحول المجابهة إلى حوار عقلي دياليكتيك ، وسيلة البحث عن الحقيقة ووسيلة بلوغها .
إن من يقبل حقاً بالحوار ، ينتقل إلى نظام جديد للكلام ، فهو حين يتعلم الإصغاء إلى الآخر ، ويضع مبدأ عدم التناقض معيارا للقول السليم ، فإنه يبدأ بانتزاع نفسه من سيطرة الحواس ، وأوهامها ليسلك طريق المعرفة الحقة ، معرفة هي الخير ذاته.

نظرية المعرفة في فلسفة أفلاطون :
أفلاطون فيلسوف مثالي ،والمثالية هي قبل كل شيء نظرية في المعرفة ،تتجدد باختلافها عن النظريات الاختبارية وعن الفلسفات المادية بكل أشكالها.
المعرفة الحقيقية هي من نتاج العقل وحده والحقيقة لا نجدها في الانطباعات الحسية. فالحواس لا تنقل سوى صور جزئية محرفة عن الحقيقة.
أفلاطون يميز إذن بين العالم المحسوس المتعدد ، والمشتت والمبعثر وبين العالم المعقول الذي يبحث عن معايير التماسك الداخلي للفكر وعن عدم التناقض .
عن فلسفته في السياسة ، في الحقيقة لم يتجه أفلاطون نحو الفلسفة إلاعن طريق السياسة ومن أجلها.
وإذا حدث وتميزت الفلسفة عن السياسة وانفصلت عنها، يترتب على الباحث أن يتساءل على مدى هذا الانفصال ، وعن الوقت الذي حدث فيه ، وعن مدته ،لم تكن الفلسفة ، عند أفلاطون ،سوى العمل المعوق العمل الذي لا يتخلى عن نفسه إلا ليتحقق على نحو أثبت . هذا ما يؤكده أفلاطون في الرسالة السابعة وما يشير إليه تسلسل المحاورات . إن محاورتي الجمهورية والقوانين تعادلان ، في عدد صفحاتهما ،إحدى عشرة محاورة فلسفية، كتبها في مرحلة سابقة، ويختل التوازن لصالح المحاورات السياسية إذا أضفنا محاورة السياسي والرسالة السابعة.
واهتمامه هذا لأنه ابن عائلة سياسية والأحداث السياسية في عصره ، وفي رسالته السابعة ذكر أفلاطون أسباب توجهه نحو السياسة " أدركت أن كل الحكومات تعاني من سوء الإدارة ، إذ يستعصي علاج التشريع بدون إعداد حازم ترافقه ظروف مواتية ، هذا ما دعاني إلى حمد الفلسفة واعتقادي أنها وحدها تعرفنا عن مكان العدالة في الحياة العامة والخاصة ، فالشرور التي تصيب الإنسان لن تتوقف قبل أن يتسلم الحكم فلاسفة أصيلون أو أن يتحول الحكام إلى الفلسفة الحقة" ...
العدالة والفرد والعدالة في المجتمع :
في الكتاب 1من محاورة الجمهورية يطرح سؤال عن العدالة ، ومفهوم العدالة عند أفلاطون يتجلى في تصوره لطبيعة النفس الإنسانية كما يتجلى في تصوره لبيئة المجتمع.
فالنفس الإنسانية مركبة من ثلاثة عناصر متباينة كل التباين في طبيعتها، وبالتالي في أسلوب عملها وفي هدفها – النفس الشهوانية؛ الغارقة في مطالب الجسد .النفس العاقلة وتشكل الجزء  الإلهي في الإنسان ومهمتها تقدير الأمور وتدبيرها ، والتوقع والتصدي للنزوات، النفس الغضبية وتشغل مركزاً وسطاً بين النفس العاقلة وبين النفس الشهوانية، ولئن كانت لا تعرف الخير فإنها تحس به وتريده وتسعى ، إذا وجهت إلى تحقيقه.
وتجد العناصر ذاتها في البيئة الاجتماعية: البيئة الحديدية وتسيطر عليها شهواتها، والطبقة النحاسية ويحكمها انفعالها ، والطبقة الذهبية ومهمتها التقدير والتدبير والتوقع.
إن العدالة في الجمهورية الفاضلة وفي نفس الفرد تقوم على كل عنصر في مكانه: النفس العاقلة وتمسك بزمام أمرها والطبقة الذهبية الحكماء وتحكم المدينة، وليست العدالة إذن المساواة الحسابية بين الناس ، والمساواة بين الحديد والنحاس والذهب . إنها وضع كل عنصر في مكانه المناسب ، وكل طبقة في المكان التي تؤهلها لها استعداداتها. غير أن العدالة لا تكون عند الفرد إلا وفقاً لنموذج المدينة وبتأثير مدينة استقام الحكم فيها، فالمستقيم أو العادل إذا كان بمقدوره أن يحافظ على نقائه في عزلته وفي منفاه الداخلي ، لا يتحقق فعلاً إلا في جمهورية مناسبة، والعدالة في المدينة قبل العدالة في الفرد، إن الفردية تشكل عنصراً مكوناً للمدينة ونتيجة لها، ومن هنا ندرك أهمية التربية في الجمهورية، وأهمية النظام السياسي في إعداد الإنسان.

وفي العمل والتأمل :                                                                                                          
إن أفلاطون ينوي تحقيق أكثر ما يمكن تحقيقه من الجمهورية الفاضلة، وإذا كان يريد لفلاسفته أن يصعدوا نحو الخير المطلق عن طريق الجدل الصاعد ، وأن يتأملوا هذا الخير فهو لا يريد أن يجدوا فيه فرح نفوسهم فحسب ، بل أيضاً القاعدة التي تبنى عليها كل حياة عامة وخاصة أي أن عليهم أن يهبطوا من جديد من أجل المدينة إذ لا يحق لهم الامتناع عن العمل.
إن مهمة التأمل الفلسفة لا تقوم تأمل الخير، بل لتجسيد هذا الخير في المدينة الأرضية، وكثيراً ما وجه النقد لأفلاطون في تصوره عن الطبقات الاجتماعية ( الذهب والنحاس والحديد) وهذا في واقع الأمر يحمل الكثير من التجني على أفلاطون ، فالطبقة عنده لا تقوم على الثروة والمكانة الاجتماعية بل تقوم على استعدادات وفروق فردية والمعيار الوحيد هو الاستعداد، ونادى بالمساواة بين المرأة والرجل فإذا أثبتت المرأة أنها من معدن ذهبي فستتولى أمر الحراسة في المدينة، وأن الحكام في دولة أفلاطون لا حقوق لهم بل عليهم أن يؤدوا واجبات سامية.

التربية في جمهورية أفلاطون :
إن مشروع المعقولية الذي أسسه أفلاطون من أجل القضاء على العنف يستدعي نظاماً تربوياً حازماً ، ومحاورة الجمهورية في عنوانها، وفي مضمونها ، تبني لنا العلاقة بين المعرفة والسياسة والتربية، وتقدم لنا في الوقت ذاته أجمل كتاب في التربية.
إن المشروع التربوي في الجمهورية يتمحور حول النقاط التالية :
-إشراف الدولة الفاضلة على تربية فتيانها والقضاء على التعليم الخاص .
- تقليص دور الشعر والأدب في مناهج التعليم .
تقديم الرياضيات لتصبح أساساً للتعليم بدلاً من الرياضة والشعر.
- تربية الحاكم (أو الدورة الكبرى).

في إدانة الشعر :
يستبعد أفلاطون في الكتابين الثاني والثالث لمحاورة الجمهورية الشعر لأسباب ثلاثة : معرفية أخلاقية وتربوية ، وفي الكتاب العاشر يشرح سبب هذا الاستبعاد.
إن الشعر القديم والشعر الحديث الذي يبتكره كتاب المأساة مؤلفو المسرحيات يولد عادات سيئة تغرق الإنسان في مستنقع الحسي وترده الى أهوائه ،وعظم خطايا المأساة يكمن في رسمها صورة مشوهة عن الالهي والقدسي.
ويرى أفلاطون إن الشعر في الماضي البعيد والقريب يخفق في مهمته التربوية . فهو لا يقدم عن الالهي الخالد سوى صورة خادعة. صورة تؤدي إلى عواقب وخيمة في إعداد المواطن وفي إعداد العقل والفضيلة....
لم يكن أفلاطون أول من وجه هذا النقد للتعليم الشعري . يرى المؤرخ هيرودتس في الشعراء صورة مضخمة وبالتالي محرفة عن وضع الإنسان الخاضع للتفاهة والعنف إن الصور التي يعظمها الشعراء ويقدسونها ويقدمونها كمعايير للعمل ليست سوى تكرار للفوضى والعنف الذي ساد المدينة التي عاش
فيها أفلاطون في شبابه.
فأفلاطون لا يحب الآداب ، ويستبعدها من مشروعه التربوي ، ويرى فيها ما يتعارض ومشروعه الفلسفي ، ومشروعه السياسي ، إنها تحرف العقل وتشوه المدينة ، فإذا وافق على إدخال الأدب فسيقوم بعملية تطهير لكل النصوص قبل تقديمها للناشئة. لن يقتصر التعليم العام على استبعاد الشعر وتكريس الرياضة والموسيقا .
سيتلقى أطفال المدينة تعليماً أدبياً ،وتربية أخلاقية ودينية ومدنية، وسيغرس في أذهانهم في وقت مبكر ، قصص الأبطال وقصص الالهة ومبادئ الأخلاق والدين واحترام القوانين : باختصار "حب المدينة والولاء لها ".

أما عن الدورة الكبرى وتربية الحكام :
لكي يقضي على العنف وحتى تتحقق العدالة في المدينة ، يجب أن يكون الفيلسوف حاكماً والحاكم فيلسوفاً، إن المدينة التي لا تترك مكاناً للفيلسوف هي مدينة ظالمة .إنها المدينة التي تترك "الرأي " يعبث بعقول المواطنين ويشوه سلوكهم .تبدأ تربية الحكام بعد انتهاء التربية العامة "الموسيقا ، الرياض ،التعليم الأدبي المصفي " وفي المرحلة الثانية ثلاث سنوات من التدريب البدني، وفي المرحلة الثالثة انتقاء جديد ودراسة منهجية للعلوم، دراسة العلاقات المتبادلة بين العلوم وعلاقتها بعلم الوجود.
على هذا النحو يتم الإعداد للدياليكتيك وحين يبلغ طالب العلم الثلاثين من عمره ،عليه أن يمر بمرحلة انتقاء جديدة : خمس سنوات في الأكاديمية لدراسة الدياليكتيك ، اختيار الطبع المتين فالطبع الضعيف يتعرض لخطر الريبة والشك .وحين يبلغ طالب العلم الخامسة والثلاثين من عمره يعود الى المدينة (الكهف ) ويبقى خمسة عشر عاما في ممارسة الخبرات العسكرية والمدنية حتى لا يسبقه أحد في الخبرة.
يحتاج أفلاطون لخمسين سنة ليخرج فيلسوفاً قادراً على إدارة دفة الحكم . دورة كبرى لأنه صعد إلى النور عن طريق الجدل الصاعد وعليه أن يعود ،عن طريق الجدل الهابط ، وإلى المدينة لينورها بما استنار به .

وعن مكانة الرياضيات في الدورة الكبرى :
نقل لنا التاريخ أن أفلاطون كتب على مدخل أكاديميته الجملة الشهيرة جداً ، لا يدخل هنا
إلا من كان رياضياً. لما كان المعقول أكثر حقيقة ووجوداً من المحسوس ، فإن الرياضيات ستكون العلم النموذجي الذي يمهد لبلوغه. لقد أدرك أفلاطون أهمية الرياضيات وجعل منها معيار الانتقاء ومرحلة تمهيدية تسبق مرحلة الدياليكتيك .
الرياضيات صعبة وتستدعي حيوية ذهنية تجعل من يملك استعدادا لممارستها قادراً على ممارسة الفنون والعلوم ، إنها علم موقظ يحرك الذهن ويحول دون استسلامه بإيمان كسول لمعطيات الحواس، يبين أفلاطون الفرق بين موضوعية العلاقة الرياضية ،وذاتية العلاقة الحسية وإذا كانت الرياضيات تمهد للخير فإنها لا تبلغه بذاتها، وإنها وسيلة لغاية أرقى هي الدياليكتيك او الفلسفة.
الدياليكتيك أو الفلسفة :
الدياليكتيك هي، علم المطلق ،كما رأينا ،أي الفلسفة تبحث عن الوجود بما هو موجود به
"والرياضيات لا تبلغ هذا الوجود لأنها ناقصة ودقتها تقريبية ، فهي تبحث عن علاقات تقريبية لكنها تستند إلى صور حسية كما أنها تستند إلى مسلمات لا تبرهن عليها. إن معرفة الشيء تعني تفسيره تفسيراً كاملاً، إن غاية الدورة الكبرى بلوغ العلم علم المطلق ، والشرط الضروري لتحقيق العدالة في المدينة الأرضية.
وهكذا يوصلنا أفلاطون في محاوراته إلى نموذج ومثال للفكر الفلسفي لديه في أبعاده التأملية والتحليلية والنقدية، ولم نعد إلى محاورة أفلاطون في قراءتنا هذه لأنه قال الحقيقة مرة واحدة وإلى الأبد ، لأن الحقيقة المطلقة التي توضع مرة واحدة ليست من خصائص العقل الإنساني .
إن ما أدرجه أفلاطون في محاورته مشروع فكري شامل يتناول مشكلات أساسية: المعرفة الحقيقة واختلافها في الرأي الجزئي. وهذا ما رأيناه في محاورة الجمهورية التي تقوم على تحليل نقدي لأنظمة المعرفة والنظم السياسية والنظام التربوي ومعايير هذه المعرفة وتحديد مكانها وتحقيق العدالة من جهة أخرى .
هذه الأفكار والإجابات التي طرحها أفلاطون هي غايات التفلسف: التخلص من مزالق الذاتية والحسية لتحقيق المواطنة الحقة.

المراجع :
-أفلاطون ، الجمهورية : ترجمة حنا خباز.
- كواريه ، الكسندر ، مدخل لقراءة أفلاطون ، ترجمة عبد المجيد ابو النجا ، مراجعة د. أحمد
فؤاد الاهواني ، الدار المصرية للتاليف والترجمة ١٩٦٦.
- فال ،جان ، طريق الفيلسوف ، ترجمة د. أحمد حمدي محمود ، القاهرة ، ١٩٦٧.
- ابراهيم ، زكريا ، مشكلة الفلسفة، دار القلم ، ١٩٦٢
- كرم ، يوسف ، تاريخ الفلسفة اليونانية ، دار المعارف بمصر ، ١٩٦٤.
- عبد الدايم ، عبدالله ، التربية عبر التاريخ . دار العلم للملايين ، بيروت ١٩٧٣.

0 comments: