Posted by Scientific Literature magazine مجلة الأدب العلمي | 0 comments

نظرية الانفجار الأعظم في أدب الخيال العلمي ....الأدب العلمي العدد الأول


د.سائر بصمه جي

صيغ مصطلح "الانفجار الأعظم " (Big Bang) في أواخر أربعينيات القرن العشرين من قبل فريد هويل أثناء برنامج لراديو BBC ، عندما كان يحاول التقليل من شأن الفكرة التي بسطت في (نظرية الكون المتمدد) للسير أرثر إدينغتون عام 1940 ، بأن التراجع الذي تظهره (الإزاحات الحمراء Red shifts) المجرية يقتضي ضمناً أن الكون يجب أن يكون ذات مرة صغير إلى أبعد حد وأن تاريخه كان تاريخاً لانفجار مستمر ، بدأ منذ 13.7  بليون سنة .
وهنا علينا الانتباه من الوقوع في فخ كلمة (انفجار) فهي لا تعني ما يشبه حدوث الانفجارات التي نعرفها اليوم، بل – على المستوى الكوني - هي حالة تضخم فجائي للمادة والفراغ في لحظة الإذن بالخلق.
دعم هويل نظرية (الخلق المستمر) أو (الحالة الثابتة) التي افترضت أن التأثير الممدّد للتراجع يجب أن يعدّل بتولد تلقائي لمادة جديدة في الفجوات المتسعة بين المجرات، وهكذا يتم الحفاظ على اتساق الكون.
لم يكن هويل الشكوكي الوحيد الذي ارتاب في الكون المتمدد، لكن آخرين فضلوا تفسيرات متنوعة لدلالة الإزاحات الحمراء المجرية، البعض مثل غروت ريبر الذي آثر فرضية  (الضوء المتعب) التي اقترحت أن عملية غامضة ساكنة، استنزفت الطاقة من الفوتونات المتحركة بعيداً. في حين أن آخرين عزوها إلى التأثيرات النسبية المرافقة لإصدار الضوء من الأشياء في حقول الجاذبية القوية. مع ذلك؛ فأن أنصار فرضية أن الإزاحات الحمراء هي تغيرات دوبلرية (مثل انخفاض صوت القطار كلما ابتعد عن شخص موجود في المحطة) وأن الكون في حالة توسع، وضعوا أيديهم على تعبير هويل مجردين إياه من سخرياته واتخذوه كنعت مفعم بالحيوية. الأرصاد الفلكية اللاحقة أظهرت بوضوح أنّ الكون قد اجتاز تغيرات مادية مهمة خلال الزمن، وأن المبدأ الجمالي الذي يشكل أساس افتراض الحالة الثابتة كان مضللاً .
إن إشعاع الخلفية الكونية الذي رصد من قبل أرنو بنزياس وروبرت ويلسون عام 1965 تم الترحيب به كبرهان على أن انفجاراً أولياً قد حدث.
أصبحت الروايات عن التطور المبكر للكون في الثواني القليلة الأولى من الانفجار الأعظم عندما أتى الزمان-المكان للمرة الأولى إلى الوجود، سريعاً الملعب المفضل للفيزياء النظرية، وبدأت ثورة في علم الكون.
القبول الواسع لنظرية الانفجار الأعظم قبل إيجاد البينة المؤكدة عليه، كانت بمثابة انقلاب مفاجئ في الاتجاه الفلسفي امتد خلال قرون. حيث أن فلاسفة كُثر اعترضوا على فكرة الخلق من العدم، مفضلين فكرة الخلق كترتيب جديد للمواد الموجودة مسبقاً، على نحو اعتيادي لترتيب الفوضى.
فكرة أن الكون كان أبدياً ولا متناهٍ لكنه معرّض لعمليات تغير إبداعي مؤقت وموضعي كما بسطت في عمل لوكريتوس للفلسفة الابيقورية، والتي عرفت طويلاً بدفاعها الفكري ضد الأفكار المفترضة للإيمان الديني الجازم.
أما فكرة الكون الثابت، فقد احتفظ بها بالمقابل مع الانتقاد، بأن الجاذبية يجب أن تسبب في آخر الأمر للكون المرئي أن ينهار بواسطة حجج تم التعبير عنها بطريقة مسرحية وعلى نحو مفعم بالحيوية في قصة (وجدتها) عام 1848 لإدغار ألن بو، والتي تصور أنّ العمليات الإبداعية المعوضة مماثلة لتلك التي اقترحها هويل ورفاقه الباحثين النظريين في الحالة الثابتة.
لقد أدخل ألبرت أينشتاين (الثابت الكوني) ليثبت نموذجة الكوني الخاص مقابل هذا المصير، ثم تأسف حالما ظهر الدليل على التمدد الكوني، كذلك هويل كان يواصل تقليداً طويل الأجل.
من ناحية ثانية، كان بعض المؤمنين المتدينين مبتهجين بانبعاث نظرية الخلق من العدم، فقد كان جورج لوميتير أول فلكي يصوغ نظرية الانفجار الأعظم في استجابة للتغيرات الدوبلرية التي تم قياسها من خلال أرصاد قام بها كل من: فيستو سليفر وميلتون هوماسون، وإدوين هابل.
وبخصوص ردة الفعل الأدبية الابتدائية للأخبار عن الكون المتمدد كانت مخففة الصوت، بسبب الصعوبة في إيجاد هيكل قصصي قادر على احتوائها.
إذ نجد نسخة من نظرية الانفجار الأعظم دمجت في إلى (ما بعد النهاية) عام 1937 لشان كوربيت، وفيها فإن تمدد الكون يصل إلى حده وتنشأ نواة من الزمان – المكان ضمن القشرة الكونية مستلزماً تجديداً مفاجئاً وعنيفاً كاستمرارٍ للدورة الأبدية.
إن المسافر في الزمن (الرجل الذي لم يحيا أبداً) عام 1934 لدونالد واندري، يشهد انفجاراً أولياً، في حين أن مسافراً بين الأبعاد لم يدرك أن البعد الرابع هو الزمن، ليصبح فعلياً بداية انفجارية في (نزولاً إلى الأبعاد) عام 1937 لنيلسون بوند.
ثمة أدوات معقدة أكثر تمكن المراقبين البشر من أن يشهدوا الانفجار الأعظم عقب صياغة المصطلح والتطوير الأولي للنظرية، وهو ما تم تجسيده في (صفر تاو) عام 1970 لبول أندرسون، و(سفينة الغرباء) عام 1978 بوب شاو، و(كوزم) عام 1998 لجورج بنفورد، و(الكل عند نقطة واحدة) عام 1965 لإيتالو كالفينو، في حين أن (ليل الزمن) عام 2003 لروبرت رييد، ترجع إلى الوراء إلى الآثار المباشرة للانفجار الأعظم.
نظراً لافتقار نظرية الخلق المستمر إلى النزعة الفاجعة، كان من الصعب إظهارها أكثر في القصة، مع أن قصة (حلقة ريتورنيل) عام 1968 لشارلز هارنيس قامت بالمحاولة، وأن نسخة منها استعملت في المنطق التحتي لبوابات القفز في (مدخل إلى أي مكان) عام 1968 لبول أندرسون.
إن فكرة الكون المتمدد نتيجة لانفجار عُقِّد في ثمانينيات القرن العشرين بفكرة أن الطور الابتدائي لانفجار يجب أن يكون سريعاً جداً مشكلاً التضخم الابتدائي للفضاء الذي كان فورياً تقريباً.
نسخة نظرية التضخم التي أصبحت مدمجة في (النموذج القياسي) للنظرية الكونية بدأها ألن غوث في عام 1981 ، وطورت إلى مدى أبعد من قبل أندري لند وستيفن هاوكنغ.
حيث تضمن اقتراحه بأن الكون الممكن ملاحظته هو واحد من سلسلة لانهائية من الانفجارات العظمى فقط، والتي تحدث ضمن أكوان كبيرة.
لقد كررت نظرية الخلق المستمر على نطاق أوسع وزودت بمحيط لفكرة واسعة النطاق عن التواريخ الخيارية. أما النسخة التضخمية من نظرية الانفجار الأعظم فقد أُقرّت في النوع الفرعي الأساسي للخيال العلمي المتعلق بعلم الكون في أواخر القرن العشرين (نقطة أوميغا).

مجلة الأدب العلمي  العدد الأول  دراسات وأبحاث

0 comments: