Posted by Scientific Literature magazine مجلة الأدب العلمي | 0 comments

الشمس وطاقتها ....الأدب العلمي العدد الخامس


د. عمار النبطي

الشمس أقرب نجم إلينا ومن حرارتها وأشعتها الضوئية فرخت الحياة في كوكبنا ونمت وتعاظمت .
الشمس ضياء لنا ودفء لأجسامنا مع أشكال الحياة الأخرى من حولنا ... وقدر لها أن تعطي دفق الحياة على هذا الكوكب الذي نعيش فوقه ..
لو حللنا أشعة الشمس التي تصل إلينا لوجدنا أن 9% منها أشعة فوق بنفسجية تمتص جو الأرض في طبقاته العلوية أغلبها ، ولا يصل إلى سطح الأرض منها إلا ما ينفع الإنسان والكائنات الحية ..
وطبقة الأوزون هي التي تمتص الزائد من الأشعة فوق البنفسجية ..
وهناك 53% أشعة حرارية تعرف باسم الأشعة تحت الحمراء وتمنح جونا الدفء والسخونة وهناك 38% أشعة تنوير تغمر الأفق حولنا بالضياء ..تتناثر منها الأشعة الزرقاء لتبعث لنا هذا اللون الأزرق الصافي في نهار ربيعي مشمس . .
تدور الشمس حول نفسها كباقي النجوم من غرب لشرق وتدور حولها تسعة كواكب بمدارات إهليجية ...
تقع كل هذه الكواكب في مستوى واحد عدا كوكب عطارد الذي يميل مداره عن مدارات بقية الكواكب / 7/ درجة وعدا كوكب بلوتو الذي مداره عن المدارات الأخرى ب / 17 / درجة..
والشمس ليست صلبة لذلك فأجزاؤها المختلفة تدور حول محورها بأزمنة متباينة.. فتكمل نقطة على خط استواء الشمس دورتها في / 24 / يوماً و / 16 / ساعة بينما تكمل نقطة قريبة من القطبين دورتها كل / 34 / يوماً..
بداخل كرة الشمس الضخمة تتفاعل الغازات في درجات حرارة عالية تقترب من / 40 / مليون درجة في المركز..
وتحول الهيدروجين إلى هليوم مستمر.. وتمتص الأرض بطرق مختلفة ما يعادل جزءاً من / 500 / مليون جزء من الطاقة الشمسية..
وللشمس من قوة الإضاءة ما يحد من النظر إليها مباشرة إلا من خلال نظارة سوداء.. وهي تبدو لنا على شكل كرة ناعمة بلون الكريم.. تحيط بالكرة المرئية من الشمس طبقة سميكة تعرف باسم (الكرة اللونية) سمكها نحو / 600 / ميل وغازاتها أقل كثافة.. لذلك فإشعاعها ضعيف جداً، لايمكن رؤيته في وضح النهار ولكنه يشاهد في بهائه أثناء الكسوف التام.. والأجرام السماوية ليست متساوية في بعدها عن الأرض.. وقد يصدف أن يمر أحد الأجرام أمام آخر فيحجبه عن بصرنا كما يحدث حين يمر القمر أمام الشمس فيحجبها لثوان أو لدقائق حسبما يكون كسوف الشمس جزئياً أو كلياً..
والكسوف الحلقي عندما يكون القمر في أبعد أوضاعه عن الأرض حيث يحجب جزءاً من قرصها عدا حلقة ويسمى الكسوف عندها حلقياً وإذا كان في أقرب أوضاعه يحجبها كاملة لدقائق كما في كسوف عام 1973 في ( 30 ) حزيران الذي استغرق / 7/ دقائق و ( 30 ) ثانية ولن يتكرر حدوثه قبل عام 2186 وهو كسوف كلي..
تؤكد النظريات إن النجم يبدأ بالتشكل بصورة سحابة ترابية غازية تدور ثم تأخذ في التجمع..
وتبدأ قطرات سوداء منها بالانكماش والتماسك مع بعضها وتزداد من جزء تكاثف هذه القطرات درجة الحرارة فيها وتكون أعلى من درجة حرارة المادة الغازية الترابية المحيطة بها .
وفي النهاية تبلغ البقعة الساخنة من شدة الحرارة مبلغاً يكفي لأن تتوهح وتشع الضوء.. والنجم الجديد المتكون يكون من مرتبة ما فوق العمالقة يشع ضوءاً أحمر.. ويستمر هذا الضوء وقتاً قصيراً إذ يعود النجم الطفل وينكمش من جديد..
وترتفع درجة حرارته مما يساعد ذرات الهيدروجين على الاندماج كما في القنبلة الهيدروجينية، متحولة إلى ذرات هليوم.. وتخرج عندها مقادير هائلة من الطاقة ويتم بالتدريج الوصول إلى توازن بين عملية تكوين الطاقة وعملية إشعاعها.. ويكون النجم عندها قد اكتمل وبلغ من الحجم ودرجة الحرارة ما يجعله كبقية النجوم.. والشمس نجم متوسط الحجم.. وأقرب نجم إلينا بعد الشمس يبعد عن أرضنا نحو ( 42 ) مليون مليون كيلو متر.. وهو رقم كبير.. وهناك نجوم في مجرتنا تبعد عنها أكثر من عشرين ألف مرة من هذا البعد.. فماذا عن مواقع النجوم في المجرات الأخرى في الكون؟ لنتأمل الشمس أقرب نجم إلينا إنها كرة كبيرة من غازي الهيدروجين والهليوم اللذين يشكلان 98 % من مادتها حيث يشكل الهيدروجين 8 %  والهليوم 18 % إضافة لعناصر أخرى مختلفة تشكل 2 %
حجم الشمس أكبر من حجم الأرض بمليون مرة وقد تشكلت منذ آلاف ملايين السنين من تكاثف سحابة غازية ترابية، أخذت ذراتها بالتجمع مصطدمة بعضها ببعض إذا ارتفعت حرارتها بالتدريج وبدأت المواد المشكلة لها بالتفاعل تفاعلاً تدريجياً محولة الهيدروجين إلى هليوم ومطلقة كميات هائلة من الطاقة.. إن العواصف الشمسية العنيفة تسبب ومضات متألقة تشوش على الاتصالات اللاسلكية على الأرض، وكذلك فإن الشواظ الشمسي قد تعيق عمليات النمو على الأرض.. والبقع الشمسية أو الكلف هي مناطق أبرد نسبياُ من المناطق المجاورة لها وذات حقل مغناطيسي أشد قوة.. فبينما نجد حرارة سطح الشمس وسطياً / 6000 / درجة مئوية، تكون حرارة البقع نحو / 4000 / درجة مئوية، وقد ترى من خلال نظارة داكنة أو عند جنوح الشمس نحو الغروب.. والنشاط العاصف والمستمر للشمس هو على سطحها المرئي أما في مركزها فتصل درجة الحرارة إلى / 40 / مليون درجة مئوية.. عندما تندمج ذرات الهيدروجين متحولة إلى هليوم تنطلق فوتونات – حبيبات ضوئية – من أشعة غاما، ويشق الفوتون طريقه نحو سطح الشمس النجم وهو يفقد جزءاً من طاقته حتى يصل إلى سطح الشمس حيث يشع الضوء.. التفاعلات النووية الحرارية التي ذكرناها، هي من النوع الذي تم في القنبلة الهيدروجينية وهي التي تقدم الطاقة إلى الشمس في انفجارات مستمرة و محتواة، تحول / 400 / مليون طن من الهيدروجيني كل ثانية إلى هليوم.. ما نراه من النجوم في السماء من ضوء تنتج عن تفاعلات الاندماج النووي في قلب تلك النجوم..
التفاعلات في الشمس لن تستمر للأبد، فعندما يتفاعل الهيدروجين وتندمج نوياته متحولة إلى نواة هليوم بمعدّل كل أربع ذرات هيدروجين تتحول إلى ذرة هليوم.. فإن منطقة التفاعل في مركز الشمس، تخرج نحو منطقة تكون أقل حرارة من عشرة ملايين درجة مئوية.. هكذا..
وعندما تتوقف تفاعلات الاندماج المئوي فيحدث تقلص كبير في المركز بحيث تتراص ذرات الهليوم مع بعضها ويبدأ الرماد يصبح وقوداً وتنطلق الشمس من جديد في عمليات تفاعل اندماجية.. وتتعرض الشمس بعدها لتغير كبير.. ويتمدد قسمها الخارجي ويبرد في حين تستمر التفاعلات في مركزها وتصبح الشمس نجماً أحمر عملاقاً.. ويبعد مركزها عن قشرتها لدرجة تجعل جاذبيتها نحو السطح ضعيفة.. ويصل تمدد الشمس إلى حد ابتلاع كوكبي عطارد والزهرة ثم تبتلع الأرض وربما المريخ.. فتصبح الكواكب الداخلية برمتها داخل الشمس حتى حزام الكويكبات..
بعد نحو مليارات سنة ستقترب الشمس المنتفخة من الكرة الأرضيّة وتذيب الجليد من قطبيها وتغمر الفيضانات شواطئ الجزر والسواحل.. ويتبخر قسم كبير من مياه المحيطات حيث ترتفع سحب البخار حاجبة ضوء الشمس لبعض الوقت ولكن اقتراب الشمس يزداد وتبدأ المحيطات بالغليان وتتبخر وتحل كوارث مرعبة، تصل إلى ذروتها في ابتلاع الشمس للأرض.. تبدو هذه النهاية أشبه بسيمفونية مرعبة، ورغم ذلك فالنجوم الأكبر من الشمس تمر بمراحل أشد رعباً وهولاً..
إذن بعد أن ينفذ الهيدروجين من الشمس ويبدأ استهلاك الهليوم سترتفع أيضاً درجات الحرارة مطلقة الدورة الأخيرة من التفاعلات النووية لتتمدد الشمس ثم تتقلص وتتمدد بمعدل مرة واحدة كل ستة آلاف سنة تقريباً.. ثم تنقذف منها كتلة السطح وبعض كتلة المركز في انطلاقة مخيفة من الغاز المركز.. حيث يحيط ما قذف من كتلة المركز بالسطح مطلقاً ضوءاً بنفسجياً فاقعاً ثم يتوهج بلونية الأزرق والأحمر غامراً المجموعة الشمسية من الكواكب المتبقية بسطوع هائل مصد به جزء الشمس المبحر إلى الخارج.. أما الباقي من الشمس، اللهب المكشوف دون السطح فيصبح نجماً صغيراً شديد الحرارة يبدأ بالتبريد والتكاثف شيئاً فشيئاً حتى تصل كثافته حداً يجعل وزن حبة الحمّص يقارب الطن.. وتحول الشمس إلى قزم أبيض يتفسخ ويهرب منه الضوء ليصبح قزماً فحمياً أسود يجرفه التيار كجسم معتم..

مجلة الأدب العلمي  العدد الخامس  ظواهر وخفايا

0 comments: