Posted by Scientific Literature magazine مجلة الأدب العلمي | 0 comments

هندسة الجينات ...الأدب العلمي العدد السابع


أ.د. محمد عامر المارديني

لاشك أن للكائنات الحية قدرة كبيرة على تعويض الأجزاء المفقودة ، فلو فقد القريدس ساقه سارع جسمه إلى تعويضه بساق جديدة..
وبعض السحالي إذا فقدت أذنابها تسارع أجسامها إلى تعويضها بذيول جديدة. والحشرات تقاوم عوامل الفناء، فهي مثلاً مع توالي الأجيال قد تكتسب مناعة ضد المبيدات الكيماوية حتى لا ينقرض النوع.
الجروح عند الإنسان تلتئم بتكون خلايا جديدة عوضاً عن التالفة، وكذلك في حالة الكسور.
تتحلل أجسام الكائنات الحية عندما تموت وتطلق غازات الفحم، وهذه الغازات تعود للجو ليأخذها النبات. وعلى النبات يتغذى الحيوان والإنسان.
دورة الحياة لا تنفصل وهي دورة مستمرة جياشة فياضة بالنشاط وقد تعلم الإنسان منها الكثير عبر عصوره المتعاقبة.
وامتدت مساحات العلم، لتشمل كل الجوانب، وأخذ الإنسان يدرس هذه العلاقات المميزة في عوالم الكائنات الحية.. وأخذ يحاول أن يبتكر عناصر مفيدة له في رحلته الطويلة لمقاومة الظروف الصعبة..
وتعرف على خصائص الحية وأقسامها..
من خصائص الخلية الحية تعرف الإنسان على الهندسة الوراثية، وهندسة الجينات، تلك الدقائق الضئيلة جداً، التي ترسم خصائص الفرد ومخزونه الوراثي وطريقة حياته. والهندسة الوراثية علم اكتشف حديثاً، وهو يبشر بفتوحات كبيرة في مجال خدمة خير الإنسان والدماغ عن تشوهاته وأمراضه.
ولكن الجانب الآخر لاستخداماته قد يكون وبالاً على البشرية . إن الدوافع الكامنة وراء إجراء بحوث استنساخ خلية حية، يمكن أن تصنف في اتجاهين. الأول هو اتجاه علمي أكاديمي، بحثي، هدفه الوصول إلى ميدان جديد يفتح آفاقاً في مستقبل الجنس البشري، والتغلب على مشاكله المرضية. والاتجاه الثاني هو اتجاه تطبيقي ربما أضفى أسبابه الاقتصادية في تحسين أنسال الحيوانات المدجنة وربما تحسين أسباب حياة الإنسان باستخراج مسببات الأمراض الوراثية وتشجيع النسل الجيد على الاستمرار دون عناء..
وربما أضيف إلى هذا الاتجاه التفكير بنسخ توائم لشخصيات متميزة بعلومها ومعارفها و عبقرياتها أو بقواها العضلية وذكائها الاجرامي المنظم لخدمة أغراض التجسس والسيطرة على مقدرات الدول. وهو اتجاه شيطاني مخيف.
إن الاتجاه السلبي لاستنساخ الخلايا الحية هو اتجاه مخيف قد يؤثر على إنسان المستقبل فيجعله أداة في يد من يعملون في المخابر الحيوية ورهن بحوثهم وابتكاراتهم.
كان الدافع وراء تجارب الخلية والمورثات حتى عام 1975 هو التأكد من أن قدرة البيضة البشرية المخصبة، متناسقة مع قدرة الخلية المتمايزة وظيفياً ، وهل يمكن لهذه الخلية التي تحمل مورثات الفرد أن تكون بشراً سويّاً؟
كانت التجارب أشبه بعمليات ليس فيها سوى الفشل، لذلك كان الاستنساخ يبدو حلماً بعيد المنال.
في السابع والعشرين من شباط – فبراير 1997 نشرت مجلة ( الطبيعة) وهي مجلة علمية معروفة بحثاً حول انتاج حيوان لبوني من خلية مجوعة.
هذا الحيوان اللبوني هي نعجة سمّوها(دوللي) تيمناً باسم مغنية، وكان عمر هذه النعجة حين نشر البحث نحو سبعة أشهر وثمانية أيام .
أحدث تقرير دوللي بعد نشره ضجة علمية هائلة في العالم، طرح فيها إمكانية استنساخ الإنسان وإحداث ثورة في عالم الجينات.
أتت دوللي من بين ( 277 ) خلية مجوعة أنتجت إحداها خلية تشبه إلى حد كبير خلية مخصبة من لقاء الذكر والأنثى.
وبعد هذه التجربة الفريدة، لم ينجح العلماء في استنساخ نعجة أخرى، أو فأرة أو خنزير أو بقرة رغم مرور وقت طويل على ذلك.
وربما يعود السبب أن دوللي أتت كطفرة، قد لا تتكرر سريعاً. ورغم الشك الكبير بكل ما نشر حول النجاح في استنساخ الحيوانات، فإن هذا الشكل يزداد في إمكانية تطبيقه على البشر لأن العقل
لا يقلد ، والدماغ البشري بكل آفاقه المعرفية لا يمكن استنساخه.. حتى ولو كان هناك توائم متماثلة من بيضة ملقحة فلن يكون من السهل التفكير بتوائم متماثلة من خلية متكاثرة..
ليس هناك ضمان أن تحتفظ النسخة بنظام كفاءة الأم أو الأب الذي أخرجت منه الخلية لأن
عوامل كثيرة قد تدخل في نمو هذه الخلية.
وليس بالضرورة أن تصبح نسخ حملة جائزة نوبل متفوقة كأصحاب خلاياها الأصيلة.. لأنه
لا ضمان باستمرار نظام الكفاءة في المورثات.. ولن يكون من السهل نسخ كفاءة العقل البشري..

مجلة الأدب العلمي  العدد السابع

0 comments: