Posted by Scientific Literature magazine مجلة الأدب العلمي | 0 comments

رائدات في ميادين التقدم العلمي المعاصر ومنجزات باهرة في علوم الأنثربولوجيا والذرة والفضاء ....الأدب العلمي العدد الثاني والثلاثون


سماء زكي المحاسني

تحقق التقدم المشهود في ميادين العلم والاكتشاف، بفضل الجهود المتواصلة لعشرات العلماء والباحثين في الغرب والشرق، الذين نذروا أنفسهم للبحث والدراسة حتى قدموا للإنسانية منجزات باهرة جعلت حياة البشر أكثر سعادة وأمناً، ويحفل سجل التقدم العلمي الحديث بأسماء أولئك الأعلام والرواد الذين واصلوا المسيرة بدأب وصبر ومثابرة واعية، ومن الملفت للنظر أن دور المرأة في تلك المسيرة كان هاماً، إذ برزت في صفحات المنجزات العلمية وجوه رائدات خالدات في موكب التقنية والإبداع، أسهمن في الأبحاث والدراسات في كل مجالات الكشف والابتكار، وقدمن منجزات قيمة ، جديرة بالتقدير والتعريف، نعرض جوانب منها في هذا البحث ... 
د. ليزا ماتينر
Dr Lise Meitner
ثلاثون عاماً من العمل الجاد في أبحاث انشطار الذرة
 عكفت العالمة الفيزيائية «ليزا ماتينر » على التجارب العلمية والبحوث الطبيعية حتى أدّت جهودها إلى انشطار الذرّة فحققت بذلك نجاحاً باهراً في ميدان الطاقة الذريّة واستخدامها في السلام.
- وُلدت «ليزا » من أبوين ألمانيين في مدينة فيينا، وأُولعت منذ الصبا بالعلوم وخاصة الرياضيات والفيزياء فالتحقت بجامعة فيينا، وكانت تتابع الأبحاث العلمية في العلوم الطبيعية، واهتمّت بصفة خاصة بالمواضيع التي تبحث في ماهية المواد المشعّة، وفي جهود ماري كوري في عزل عنصر الراديوم، وبعد تخرّجها من الجامعة عُيّنت أستاذة مساعدة لعلم الطبيعة في معهد «القيصر ولهلم » في برلين، واستطاعت أن تدخل ميدان فيزياء الذرّة، واستأثر هذا الموضوع باهتمامها فلم تعد تفكّر إلا في الذرّة، وتابعت تحصيلها العلمي فنالت شهادة الدكتوراه، وواصلت تجاربها العلمية في جامعة «برلين » تحت إشراف «ماكس بلانك » أحد مشاهير علماء الفيزياء في تلك الفترة من أوائل العشرينيات، والتقت بأستاذ الطبيعة في المعهد الدكتور «أوتوهان » وهو متخصّص في الكيمياء، وبدأت صلة العمل بينهما فتعاونا معاً في أبحاثهما العلمية، واستمرّ هذا التعاون سنين عديدة، ونتج عن هذا التعاون بين عالم الكيمياء وعالمة الفيزياء نشوء علم الذرّة، وظلّت ليز تفكّر في الوصول إلى قلب نواة الذرّة، وفي ذلك الحين صدر أمر بإبعادها عن ألمانيا في عهد «هتلر » عام 1939 ، وكانت في سن الستين، واتّجهت بالقطار نحو استوكهولم وهي تفكّر في الذرّة وإمكان تحطيمها.
- وضعت «ماتينر » وابن أخيها «أوتو روبرت فريشي » ( 1904) وكان يعيش في كوبنهاغن بالدانمارك، مقالة علمية نُشرت في كانون الثاني من عام 1939 .
وقد تعاون الدكتور «فريتش » في إذاعة النبأ العلمي الذي كان المفتاح الأول للطاقة الذريّة. وهبت «ماتينر » نفسها للعلم وظلّت طول عمرها في تتبّع خطواته، وعندما أُبعدت من بلادها حيث أمضت زهرة شبابها وبذلت كل نشاطها وعصارة أفكارها في الأبحاث العلمية، بدأت تواجه مصيراً مجهولاً، فماذا تصنع وهي في سنِّ الستين؟ ومع ذلك فإنها لم تستسلم لليأس بل إنها تابعت بجهدها العلمي وتوصلت إلى أنّ الباريوم الذي حصلت عليه من تجاربها العلمية مع الدكتور «بوهر » لم يأتِ عن خطأ فلا شك أنّ له أصل، وتنبّهت فجأة إلى أنّ الباريوم يقع في منتصف القائمة الذريّة ووزنه نصف الوزن الذرّي لليورانيوم تقريباً، فهل قُسّمت ذرة اليورانيوم إلى جزئين وأنتجت الباريوم؟.
وكانت الفكرة معقولة لكنها شكّت في صحتها، فلجأت إلى تدوين تحقيق حسابي لتكهّناتها، انطلاقاً من كونها عالمة بارعة الخبرة بالرياضيات أيضاً، فما لبثت أن اكتشفت أنّ كل ذرّة في مئتي مليون إلكترون أي ضعف الطاقة الناتجة عن الفحم خمسة ملايين مرة.
وأحسّت بقيمة هذا الكشف العلمي في تاريخ البشرية إذ وصلت الأبحاث الذريّة إلى مفتاح إنتاج الطاقة الذريّة.
- وعندما وصلت إلى استوكهولم دوّنت تقريراً بالتجربة ورأيها في انشطار الذرّة، وأرسلته إلى الصحف العلمية حتى يحققه العلماء في ألمانيا وغيرها من البلدان، وأرسلت برقية تشرح فيها وجهة نظرها إلى العالِم «فريتشي » في كوبنهاجن ووصلت البرقية إلى العالِم «بوهر » فاتّصل بالعلاّمة «فيرمي » ليُطلعه بالتطورات الجديدة في البحوث الذريّة.
- وفي مدينة استوكهولم عملت «ليز » في معهد العلوم الفيزيائية حيث تابعت أبحاثها العلمية، ولما علمت أنّ زميلها في البحوث «أوتوهان » قد أنتج مع عالم آخر عنصر «الباريوم » في مختبرهما، فرحت لوصولهما إلى نصر علمي كانت قد ساهمت فيه، وأدركت أنّه إذا استطاع هذان العالِمان أن يشطرا ذرة اليورانيوم ويحوّلا ذلك العنصر إلى باريوم فإنهما يكونان قد أنتجا عنصر الكريتون الذي تتألف نواته من 36 بروتوناً، وسارعت بإرسال رسالة إلى زميلها الدكتور (فريش) الذي كان أستاذاً أيضاً في معهد «القيصر ولهلم » في النمسا بوصفها أستاذة فيه، تُخبره بما اتّجه إليه تفكيرها في تعليل انبعاث الباريوم من اليورانيوم، وفي الفترة التي تلت هذا عُقد مؤتمر علمي للعلوم الطبيعية في واشنطن بالولايات المتحدة وأعلن فيه العلماء نتيجة أبحاث «ليز وهان » التي تحدّث عنها (بوهر) وهو قريبٌ لفريش أستاذ العلوم، فأحدثت هذه الآراء ضجّة كبيرة في الأوساط العلمية نظراً لأهمية الطاقة الذريّة التي يُمكن استخدامها في السلام.
- وقد حظيت ليز بتقدير كبير لجهودها العلمية وعملها الدؤوب في مجال الأبحاث الذريّة، فاختيرت لعضوية مجمع العلوم السويدي وهذا ما أتاح الفرصة لها لمتابعة بحوثها العلمية بعد أن صرفت سنوات طويلة من عمرها وشبابها في الانقطاع إلى العلم والنبوغ فيه حتى توصلت إلى إنجازات علمية هامة.
- وكانت «ليز » قد نشرت بالاشتراك مع «أوتو فريش » وهو قريب لها وعالم، إنجاز العالِمين «هان - ستراسمان » وصدر هذا العمل بعنوان «انشطار الذرّة .»
وهكذا حققت «ليز » أحلامها ونالت وجوه التقدير والتكريم من الهيئات العلمية التي كرّمتها، فبالإضافة إلى عضويتها للمجمع العلمي السويدي وهو أكبر هيئة علمية، نالت جائزة العلوم من مدينتها «فيينا » عام
1947 ، كما مُنحت ميدالية (ماكس بلانك) عام 1949 من ألمانيا، وقد مُنحت أربع درجات دكتوراه من أربع جامعات أمريكية.
- كانت ليز طوال قيامها بأبحاثها العلمية موفورة النشاط، دائبة العمل ويكفي أنها أمضت حوالي ثلاثين عاماً في الاختبارات والتجارب، إلى جانب ترؤسها لقسم الإشعاع والفيزياء في معهد قصر ولهلم (الذي سُمي فيما بعد قصر ماكس بلانك) وهو معهد للكيمياء في الفترة ما بين عام 1917 -...1938
ورغم أنّ ليز مرّت بظروف قاسية في حياتها عندما حُكم عليها في عهد «هتلر » بالنفي من ألمانيا، فاضطرت إلى مغادرة ألمانيا، ولجأت أولاً إلى كوبنهاجن، والتقت هناك بابن شقيقتها العالم «أوتو فرتش » لكن ليز استطاعت أن تجتاز تلك المحنة ولجأت في غربتها ووحدتها إلى عملها العلمي وأبحاثها وتجاربها.

إليانور مارغريت باربريدج
Eleanor Margaret Barbridge
مسيرة حافلة وجهود متميزة في علوم الفلك والفضاء
 وُلدت «إليانور مارغريت باربريدج » سنة 1919 في دافنبورت بإنكلترا وكان والدها أستاذاً لعلم الكيمياء، درست في جامعة لندن حيث عملت مساعدة لمدير الجامعة ما بين سنتي 1948 – 1951 ، أما موضوع دراستها فهو علم الفلك، وتابعت دراستها حتى حصلت على الدكتوراه في ذلك العام.
- اهتمّت «إليانور » بالتلسكوب، وساعدت في ابتكار تلسكوب للفضاء وكانت أستاذة في جامعة لندن، وعملت باحثة في مراصد كثيرة فيما بعد مثل مرصد شيكاغو.
- تزوجت عام 1948 من الأستاذ «باربريدج » في الجامعة نفسها وأنجبت ابنة واحدة.
- تميّزت بنشاطها الوافر في البحث العلمي المتعلّق بعلوم الفضاء وكانت أول مديرة لمركز الفلك وعلوم الفضاء في جامعة كاليفورنيا في سان دييغو ( Used ) حيث عملت هناك حتى العام 1962 ، وكانت قد ذهبت إلى الولايات المتحدة عام 1953 وبدأت بأبحاث فلكية مع زوجها «جوفري باربريدج » وعلماء آخرين، وسميّت النظرية التي توصلوا إليها بنظرية ال B; F H نسبة للحروف الأولى من أسماء المشاركين فيها.
وهكذا كشفت «إليانور » عن الكثير من الحقائق العلمية من خلال بحوثها المحددة، وبذلك نالت كثيراً من التقدير والجوائز التقديرية، وكانت أول امرأة تتولى إدارة مختبر غرينوتش الملكي » ومنحت عدداً من الجوائز منها جائزة »Warmen« سنة 1959 لتفوقها في بحث بعنوان «الجمع والتأليف بين العناصر في النجوم »، نُشر في مجلة بعنوان «الفيزياء الحديثة Review Of Modern Phisics»  ، عدد أكتوبر سنة.1957
- كما انتُخبت عضواً في الجمعية الفلكية الملكية سنة 1964 وفي الأكاديمية الوطنية الأمريكية للعلوم 1978، ونالت العديد من الجوائز العلمية حتى أنّها رفضت جائزة لأنها خُصّصت للنساء فقط وكانت الجائزة بعنوان "Annie J.Cannon Award" التي منحتها لها الجمعية الفلكية الأمريكية وأصبحت فيما بعد رئيسة للجمعية الأمريكية للتقدّم العلمي ( 1976 – 1978 ).
وتمّ تعيينها أيضاً في وكالة الفضاء الأمريكية ناسا، فكانت بذلك من النساء اللواتي تميّزن في مجال العِلم وبخاصة علم الفلك وأبحاث الفضاء، يبلغ عمرها اليوم ما يقارب 91 عاماً، أما ابنتها التي وُلدت عام 1956 فيبلغ عمرها 54 عاماً، لكن زوجها توفي عام 2010 .

أليس فليتشر
Alice Flethcher
عالمة الأنثربولوجيا التي اهتمت بعلم أعراق البشر 

 ساهمت العالمة الأمريكية «أليس فليتشر » في جهود التطوّر العلمي وفي تنظيم الأنثروبولوجيا في الولايات المتحدة. وُلدت «فليتشر » في كوبا من أبوين أمريكيين في 15 آذار 1838 ، وتعلّمت تعليماً خاصاً وقامت برحلات عديدة في شبابها قبل أن تستقر بالقرب من بوسطن.
- بدأ اهتمامها بعلم الآثار وعلم أعراق البشر قبل عام 1880 في الوقت الذي عملت فيه بمتحف «بيبادي » بجامعة هارفارد، واهتمّت بصفة خاصة بدراسة إثنولوجيا الهنود في (أوماها)، وغيرهم من القبائل الهندية، وكانت تقوم بزيارات مَيدانية لهؤلاء الهنود، فزارت بعضهم لأول مرة في عام 1881 ، وكانوا من الهنود المقيمين في نبراسكا وجنوب داكوتا.
- ساعدت «أليس فليتشر » في توجيه الاهتمام نحو المشاكل الاجتماعية لهؤلاء الأقوام وبرز كتابها «قبيلة أوماها الهندية .1911 The Omaha Tribe
- ساهمت مع غيرها من النساء إلى جانب عديد من الرجال في مؤتمر خاص بالأنثربولوجيا وقد ترأست عام 1893 الجمعية النسائية الأنثروبولوجية التي أسستها «ماتيلدا ستفسون » في عام 1885 ، ثمّ أصبحت فيما بعد رئيسة لجمعية واشنطن للأنثروبولوجيا، ونائبة رئيس للجمعية الأمريكية للتقدّم العلمي، وفيما بعد أيضاً تولت «أليس فليتشر » رئاسة الجمعية الأمريكية للفولكلور.
- توفيت «أليس فليتشر » عام 1923 في واشنطن، ويحتفظ معهد «سميثونيان » بواشنطن بمجموعة أوراقها ومراسلاتها ضمن أرشيف الإثنولوجيا الأمريكية.
- درس المهتمون بالإثنولوجيا عمل «أليس فليتشر » ودراستها في هذا المجال ومن أهم الدراسات عنها كتاب: (نساء في تاريخ الأنثروبولوجيا الأمريكية Women in Early American Anthropology) 1966 الذي حظي بالاهتمام الواسع، وسلّط الأضواء على جهودها في علم الأنثروبولوجيا الاجتماعية.

ماري كارترايت
Dame Mary Cartwright
اهتمت بعلوم الرياضيات وتطورها


ولدت ماري كارترايد في Aynho بنورثامتون شاير Northampton Shire بانكلترا سنة 1900 ، وتعلّمت في مدرسة «ساليزبري » ثمّ في كلية المدارس الثانوية وفي بعض الكليات الجامعية، ثمّ قامت بالتدريس لمادة الرياضيات في جامعة «كامبردج » في المدة ما بين عامي 1933 – 1935 وانضمّت إلى هيئة التدريس بالجامعة، ألقت محاضرات في كلية »Girton« ، وأعدّت «ماري كارترايت » أطروحة الدكتوراه في موضوع Zeros of Entire Function ، وتميّزت في عمل بحث في .»Radio Research Board« فكانت باحثة قديرة نالت الكثير من التقدير والإجلال لعلمها، وانضمّت إلى عديد من الهيئات والمؤسسات العلمية ومنها: مؤسسة مشاريع البحرية في الرياضيات للولايات المتحدة التي عملت مستشارة لها في جامعتي «ستانفورد » و «برنستون »، بالإضافة إلى تعيينها نائبة لرئيس جمعية لندن للرياضيات. لها مقالات علمية عديدة في مجلات تهتم بالعلوم وتطورها وخاصة في مجال تخصّصها بالرياضيات.
كانت أول امرأة تحصل على جائزة Sylverster في سنة 1964 وميدالية من جامعة «جيفا سكيلا »Jyva Skyla بفنلندا. وقد منحتها ملكة انكلترا لقب Dame Mary Cartwright تقديراً لجهودها العلمية.
توفيت في عام 1988 ، وكانت في الثامنة والثمانين من عمرها.





0 comments: