Posted by Scientific Literature magazine مجلة الأدب العلمي | 0 comments

المغنيزيوم إكسير الحياة ....الأدب العلمي العدد الثالث عشر


ليلى عبد الرحمن سلطان
يعتبر المغنيزيوم (magnesium)  من المعادن الأساسية في جسم الإنسان حيث يدخل في تركيب خلايا الجسم وخاصة العظام، كما أنه يوجه العديد من التفاعلات الفيزيولوجية التي تجري على البروتينات والسكريات والدهون، وله دور في معالجة التشنجات العصبية، ويحمي النسيج القلبي، ويؤثر في دخول الكالسيوم إلى الخلايا، ويلي البوتاسيوم في نسبة وجوده فيها، وعدا ذلك فهو يشارك مع معدن الكالسيوم في الحفاظ على التوازن العضلي العصبي ومن هنا تبدو أهميته على نفسية الإنسان وبنيته الشخصية، وضرورته لسلامة العقل والبدن، ونتيجة لذلك حظي المغنيزيوم بلقب إكسير الحياة كما اعتبره آخرون ترياقاً للأمراض.
فأينما اتّجهنا في جسم الإنسان نصطدم بمعدن المغنيزيوم فهو يوجد في كل زاوية من زواياه وفي كلِّ خليّةٍ من خلاياه، وأعلى نسبة له تُشاهد في العِظام التي تُعتبر المقر الحيوي والرّئيسي له إذ تصل نسبتهُ فيها إلى(65%) مشكِّلاً بذلك مخزوناً إضافياً لاستعماله في الحالات الضّروريّة، وبعد ذلك تأتي العضلات والأنسجة الأخرى حيثُ يوجد فيها بنسبة ( 20 % ) وغالباً ما يكون مُتّحداً مع البروتين كما يوجد في القلب والكليتان والكبد والبنكرياس والجهاز العصبي بنسبة ( 17 %) أما في بلازما الدّم فيصِل معدّلهُ إلى ( 2,5 ملغرام ) لكل ( 100 مللتر )، وعندما تقلُّ نسبتهُ عن ( 1,8 ملغرام ) لكل ( 100 مللتر) تظهر أمراض واضطرابات صحيّة كثيرة بينما تُسبِّب زيادتهُ عن (5 ملغرام ) لكل ( 100 مللتر ) التوتُّر والقلق ، وعدم القدرة على النوم، وإذا تراوحت نسبتهُ بين ( 15 – 20 ملغرام ) لكل ( 100 مللتر ) فإنَّ الإنسان يقع في غيبوبة .
وللمغنيزيوم وظائف وأدوار عديدة في الجسم أهمّها : (التّوسُّط كعامل مُحفِّز في عمليات الاستقلاب الخلوي، وتمثيل المواد الكربوهيدراتيّة، وإنتاج الطّاقة) ويؤدّي دوراً رئيسياً في ظاهرة النمو وبناء العظام وخصوصاً عند الأطفال واليافعين حيث يدخل في تركيب العظام مع الكالسيوم والبوتاسيوم والفوسفور .

أهم مصادر المغنيزيوم :
انطلاقاً من كون المغنيزيوم من المعادن المهمّة لذا يجب علينا أن نؤمّن حاجتنا اليومية منه، وتُقدّر حاجة الجسم اليومية إلى المغنيزيوم مابين ( 300 _ 400 ملغرام) وقد تزداد هذه الحاجة عند الأطفال والنساء والحوامل إلى نِسبٍ أعلى لذا يجب التنويع بالمصادر الغذائية وعدم التركيز على أصناف معيّنة وذلك لضمان حصول الإنسان على احتياجاته منه، ومن أهم الأغذية الغنية بالمغنيزيوم : ( السبانخ، الخس، الملفوف، البقدونس والخضروات الخضراء بشكلٍ عام، والفاكهة وخاصةً المشمش والموز والفاكهة المجففة، والجوز واللوز والشوكولا والحنطة والنخالة وفول الصويا والخبز الكامل والعدس والفاصولياء والبلح والمكسّرات بشكلٍ عام، وبعض الحيوانات البحرية كالأسماك والقشريات وأصداف البحر ) أمّا الأغذية الفقيرة بالمغنيزيوم فهي ( الحليب ومشتقّاته، والبيض ، واللحوم الحمراء ) .

أعراض نقص المغنيزيوم وآثاره :
يؤدي نقص المغنيزيوم لدى الإنسان إلى إصابته بالعديد من مظاهر الضعف والمرض، وهذه المظاهر يمكن إجمالها بالتّالي: (الشعور بالتعب والإجهاد عند بذل أي مجهود عضلي، الشعور بخدَر في الساقين واليدين والإحساس بوخز كوخز الإبر في أطراف أصابع اليدين والقدمين، حالات من النّزف والهيجان والعصبية، تساقُط الشّعر، اضطرابات سلوكية وحالات إغماء، ارتخاء المفاصل وهبوط عام في الجسم مع ألم في العمود الفقري، نوم مضطرب واستيقاظ مُتكرِّر في الليل وشعور بالصُّداع والدّوار في الصَباح، تسارُع في ضربات القلب وظهور نوبات من الخفقان غير المنتظم من وقتٍ لآخر ، ظهور أعراض سوء الهضم وخصوصاً عند الأطفال واليافعين حيث يشعر الطفل بانتفاخ البطن وتشنُّج المعدة والأمعاء مع المعاناة من الإمساك وكثرة التّجشّؤ، ويُلاحَظ أنّ الأطفال هم الأكثر تعرُّضاً لنقص المغنيزيوم بسبب تغذيتهم بشكلٍ رئيسي على الحليب الصِّناعي الفقير من عُنصر المغنيزيوم ولهذا ينصح الأطبّاء بإعطاء الأطفال ابتداءً من الشّهر الخامس أو السّادس من عمرهم الخُضار والفاكهة المطبوخة بعد هرسها، وذلك لتزويدهم بالعناصر المعدنيّة المُختلِفة).
كما بيّنت الفحوصات المخبرية زيادة الكولسترول وتصلُّب الشّرايين عند نقص المغنيزيوم في الدّم إضافةً إلى زيادة فُرص تشكُّل التّخثُّرات الدّموية التي تُسبِّب الجلطات القلبية والدِّماغية، كما اكتشفَ الباحثون وجود علاقة بين نقص المغنيزيوم والإصابة بمرض السّرطان، وضعف مناعة الجسم ضدَّ الأمراض المُعدية، وضعف قُدرة الرّجل على الإنجاب، ووجد الباحثون أنّ أحد أسباب تآكُل العِظام وضعفها مع بداية مرحلة الشّيخوخة هو نقص المغنيزيوم المُزمِن في الجسم، كما تظهر نتيجةً لنقص المغنيزيوم أعراض نفسيّة ويُعاني المريض من القلق والتّوتُّر والكآبة وقد تدفعَهُ هذه الأمراض إلى الانتحار أحياناً .

أسباب نقص المغنيزيوم :
هناك أسباب عديدة تؤدّي إلى نقص المغنيزيوم في جسم الإنسان، أهمّها : (تناوُل الكحول بكثرة والإدمان عليها يُضعف من امتصاص الجسم للمغنيزيوم، حالات الإصابة بالإسهال الشديد وخصوصاً عند الأطفال، سوء الامتصاص والتّركيز على الأطعمة المنخولة والمُعالَجَة، عدم تناول الخضروات الخضراء الغنيّة بهذا المعدن، قد يؤدي أيضاً عدم تناول مرضى السُّكّر ومُتّبعي الحميات الغِذائية للأغذية الغنيّة بالسُّعرات الحرارية إلى نقص المغنيزيوم في الجسم، ومن أهم أسباب فقدان الغِذاء لهذا العُنصر الهام الطّهي الخاطِىء للطّعام وكذلك التّصنيع الغِذائي الذي يُضيف المواد الحافِظة والمُلوِّنة ويحذف قشور الحبوب والخضراوات الغنيّة بالعناصر المعدنيّة والفيتامينات , ومن أسباب نقص المغنيزيوم أيضاً الإفراط في تناول الأغذية المُهدِّئة ومدرّات البول وغيرها مما تقلل نسبة امتصاص الجسم للمغنيزيوم، ويؤدّي إلى نقص المغنيزيوم أيضاً الريجيم الجائر والضُّغوط الحياتيّة، وهناك أمراض تستنزف المغنيزيوم من الجسم وهي الأكزيما وأمراض المفاصل واضطراب إفراز الغُدد جنب الدرقية ( جارات الدّرقيّة )، وأمراض الكُلى فمن المعروف أنّ الكُلى تطرح المغنيزيوم مع البول بصورةٍ طبيعية بمُعدَّل ( 50 _ 150 ) ملغراماً لكل لتر خلال ( 24 ) ساعة وكثيراً ما تُصاب الكُلى بالقصور فيجعلها تطرح كمية أكبر من المغنيزيوم فيحدُث العوز ، بينما قد ترتفع نسبة المغنيزيوم في الدّم بسبب عدم قدرة الكلى على طرحه وهذا يحدُث في حالة الهبوط الكلوي الحاد والمُزمِن، والحُروق الواسعة أيضاً تستنزف قدراً كبيراً من المغنيزيوم والمعادن الأخرى، والأعمال الشّاقّة في الأجواء الحارّة التي ينتُجُ عنها إفراز غزير للعرق يؤدّي لطرح عدّة عناصر وأملاح من بينها عُنصر المغنيزيوم ) .
ويبقى التّساؤلُ قائِماً : لماذا نتعرَّض إلى نقص المغنيزيوم ؟ والجواب ببساطة كما يقولهُ لنا الدكتور ( محمد منير أبو شعر ) :
(هو أنَّ هذا النّقص يعود بالدّرجة الأولى إلى طريقةِ تغذيتنا التي تبدَّلت كثيراً في العصر الحديث ، يُضافُ إلى ذلك أنَّ الخُضار التي نتناولها يومياً هي أقلَّ غِنىً بالمغنيزيوم من تلك التي كان يأكُلُها أجدادُنا، والمسؤول عن ذلك وسائلُ الزِّراعة الكثيفة القائِمة على الأسمِدة الفوسفاتيّة التي تُخفِّف من نسبة المغنيزيوم في الأرض والخُضار التي تنبتُ فيها) .

توصيات ونصائح لصون الصحة وتأمين حاجة الجسم من المغنيزيوم:
 1-تناوُل كمية كافية من الخُضار والفاكهة الطّازجة، فقد بيّنت الدِّراسات أهميّتها وفائدتها في مُعالجة الكثير من الأمراض .
2- اختيار الأطعمة الطَّازجة البسيطة وتحضيرها في مطبخ المنزل فأبسط طبق منزلي يحوي أربعة أنواع من المواد النباتية المختلفة .
3- تجنُّب الأغذية التي تتعارض مع بعضها، وجعل طبق السّلطة سيِّد الموقف على المائِدة
4- تناوُل الأغذية الحيوانية بكميّاتٍ قليلة ولكن بشكلٍ دوري، فكميّة من اللحم بوزن بيضة على المائدة تسدُّ حاجة الجسم من البروتين والحديد .
5-تعوُّد تناول مرقة الخُضار بشكلٍ يومي فهي غنيّة بالفيتامينات والمعادن الضرورية للجسم .
6-تناوُل عصير الفاكهة مثل (عصير البرتقال والليمون) بعد تناوُل اللحوم أو الخُضار الورقيّة، فالأحماض العُضوية تُبطِل مفعول الأكسيلات الموجودة في الخضار والتي تُعيقُ امتصاص المغنيزيوم والحديد كما تساعد على هضم البروتين الحيواني وتمثيله.
7-تنويع الغِذاء خلال اليوم الواحد لأنَّ جميع العناصر لا توجد مجموعةً في غِذاءٍ واحد .
8-الإقلال من تناوُل ثلاثيّة ( البيض، السُّكّر والدّهن، الخُبز الأبيض ) .
9- تَعوُّد تناوُل مُستَحلَب الأعشاب الطبيّة مثل ( الزّعتر ، البابونج ، الحِلبة ، اليانسون، الميرامية ) فهي دواء من الأرض وغنية بالعناصر المعدنية والفيتامينات .
والخُلاصة : يجب على كل إنسان أن يدرك حقيقة مهمّة وهي أنَّ المغنيزيوم يُعدُّ واحداً من المعادن المهمّة والمُهملَة ، لذلك علينا جميعاً أن نؤمِّن حاجة أجسامنا اليومية منهُ باللجوء إلى الأغذية الغنية بهِ، والابتعاد عن كل ما يُسبِّبُ نقصهُ وذلك للحِفاظ على توازُننا جسدياً ونفسياً وعقلياً .

المصادر :
1- ( المغنيزيوم .. المعدن المُهم والمُهمَل ) الدكتور محمد منير أبو شعر، جريدة الثورة ,
دمشق ، العدد ( 13551 ) ، الإثن ن 3/ 3/ 2008 م . ي
2- ( المغنيزيوم يُقلل من امتصاص السُّكّر ) المهندسة رنا رنجبال، مجلة ( المرأة العربية) دمشق ، العدد ( 470 ) آذار 2006 م
3 – ( المغنيزيوم - نقصهُ خطر وزيادتهُ مرض ) درويش مصطفى الشّافعي، مجلة الفيصل ، السعودية ، العدد ( 224 ) صفر 1416 ه ، يوليو 1995 م

مجلة الأدب العلمي العدد الثالث عشر  محطات

0 comments: