Posted by Scientific Literature magazine مجلة الأدب العلمي | 0 comments

الطب أعظم مهنة عرفها التاريخ ، نشأتها وأهم علمائها ...الأدب العلمي العدد السابع


محمد الخاطر

الطب هو العلم الذي يعنى بالصحة البدنية والنفسية للإنسان (والحيوان ويعرف في هذه الحالة بالطب البيطري) والطب في اللاتينية (ars medicina) أي (فن العلاج) .
و العلم هو.. الاعتقاد الجازم المطابق للواقع و حصول صورة الشيء في العقل و يحصل العلم بدراسة الظاهرة طبيعية بكل نواحيها و محاولة لاستكشاف القوانين التي تحكمها عن طريق الملاحظة و التجربة و القياسات، أو هو عملية دراسة المفاهيم المجردة من الكميات والبنى الرياضية في علوم مثل علم الرياضيات لتأسيس نظام من الأسس و القوانين المتماسكة. والعلم هو مبدأ المعرفة، وعكسه الجهل.

كيف نشأ علم الطب؟

مهنة الطب قديمة قدم الإنسان ذاته حيث ارتبطت في بدايتها بأعمال السحر و الشعوذة و ذلك في العصور القديمة و المجتمعات البدائية حيث مارسها الكهنة و السحرة ثم تقدمت نوعاً ما مع الحضارات القديمة في بلاد الرافدين و مصر (الفراعنة الذين برعوا في تحنيط الأموات) و الهند و الصين (الوخز بالإبر)إلى أن حدثت النقلة النوعية في زمن الإغريق و اليونان و ظهور أبقراط (أحد أشهر الأطباء عبر التاريخ و صاحب القسم المعروف باسمه و الملتزم بأخلاق المهنة) و جالينوس و غيرهم ومع ظهور الحضارة العربية و الإسلامية و تطور الممارسة العلمية التجريبية بدأ الطب يأخذ شكله المعروف من خلال أعمال علماء و أطباء كبار أمثال ابن سينا (الشيخ الرئيس الذي عرف بأنه أول الباحثين في مجال الطب النفسي و أول من أعطى الدواء عن طريق المحقن و غير ذلك الكثير) و ابن النفيس (مكتشف الدورة الدموية الصغرى) و الزهراوي و غيرهم الكثير ممن ظلت كتبهم و أعمالهم تدرس في مختلف أنحاء العالم حتى القرن السابع عشر ما مهد الطريق أمام التطورات الكبيرة اللاحقة التي حدثت مع ظهور عصر النهضة في أوروبا ثم الثورة الصناعية وصولاً إلى الأزمنة الحاضرة و التي أدت إلى تطورات كبرى في كافة العلوم و منها الطب.

بعض اختصاصات الطب

- الطب الباطني وله فروع كثيره منها أمراض القلب و تعنى بجميع امراض القلب و الشرايين وأمراض الجهاز التنفسي و يعنى بأمراض الرئة و الجهاز التنفسي والجلدية وتصنف على أنها فرع من الباطنية و هو اختصاص يعنى بأمراض الجلد ، والنفسية وهو اختصاص يعالج المرضى الذين لديهم اضطرابات نفسية و وجدانية و انفصام الشخصية و الكآبة من أهم الأمراض التي يعالجها. والهضمي الذي يعنى بالجهاز الهضمي وما يتضمنه من أمراض المعدة والكبد والأمعاء.
- طب الأعصاب وهو تخصص كان سابقاً يعدّ من ضمن تخصصات الطب الباطني. أما الآن فهو يعد تخصص منفصل وهو يعني بأمراض الجهاز العصبي
- طب المفاصل (الروماتولوجي- علم الروماتيزميات - علم الرثويات ) وهو لا يزال أحد فروع الطب الباطني وفي معظم دول العالم يشترط في تخصصه أن يتم التخصص أولاً في الطب الباطني العام ومن بعده في المفاصل. يعنى بأمراض المفاصل وما حولها من عضلات وأنسجة رخوة والتحريات المختبرية الخاصة بها والفحوص الشعاعية والمقطعية والمغناطيسية لها ومن ثم علاجها بالأدوية أو الوسائل الطبيعية كالتمارين وتنقيص الوزن و غيرها. أما اذا استدعت الحالة الجراحة فيحال المريض إلى جراحة العظام, وهي اختصاص آخر مختلف.
- الجراحة وهو تخصص ينقسم إلى فروع كثيرة. ويعنى بعلاج الأمراض بالتدخل الجراحي. في السابق كانت الجراحة تعتبر من المهن الوضيعة التي يقوم بها غير الطبيب كالحلاق مثلاً، ولكن سطع نجم هذا التخصص بعد كثرة الحروب التي أدت إلى تفاقم الإصابات التي تحتاج إلى تدخل جراحي. من فروع هذا التخصص الفرع الأم وهو الجراحة العامة والذي ينقسم بدوره إلى تخصصات فرعية دقيقة كجراحة الكبد و جراحة الغدد و جراحة الأورام . أما بقية تخصصات الجراحة فهي جراحة المخ والأعصاب و جراحة المسالك البولية والتناسلية وجراحة التجميل و جراحة القلب و جراحة الصدر و جراحة العظام أو قد يسمى تخصص العظام و جراحة الأنف والأذن والحنجرة.
- العظام هو واحد من أهم فروع الجراحة ويعالج جميع الأمراض التي تصيب العظام علما أنه يختلف عن اختصاص المفاصل و هو فرع من فروع الباطن.
- طب المسالك البولية و التناسلية و هو اختصاص له علاقه بالأمراض التي تصيب الجهاز البولي و التناسلية  وتعالج جراحياً.
- طب النساء و التوليد: اختصاص منفصل يعنى بالأمراض التي تصيب الجهاز التناسلي الأنثوي والعقم بالإضافة إلى الولادة و الحمل و شؤونه.

أبرز علماء الطب

وبإيجاز ولكثرة ما كتب عن أشهر علماء الطب سنسلط الضوء ونذكر بهم مع أنهم لا ينسون من الذاكرة لأن مؤلفاتهم موجودة وبصماتهم مطبوعة في العلوم الحديثة أيضاً وهم أساس كل تطور علمي في هذا المجال ومن أبرز علماء الطب....

أبو بكر الرازي
هو أبو بكر محمد بن زكريا الرازي ، ولد في الري في بلاد فارس درس الرياضيات والطب والفلسفة والفلك والكيمياء و المنطق و الأدب. عمل رئيساً للبيمارستان العضدي في بغداد. له الكثير من الرسائل في شتى الأمراض وكتب في كل فروع الطب والمعروفة في ذلك العصر، وقد ترجم بعضها إلى اللاتينية لتستمر المراجع الرئيسية في الطب حتى القرن السابع عشر، ومن أعظم كتبه "تاريخ الطب " وكتاب "المنصوري " في الطب و كتاب "الأدوية المفردة " الذي يتضمن الوصف الدقيق لتشريح أعضاء الجسم. هو أول من ابتكر خيوط الجراحة، وصنع المراهم، وله مؤلفات في الصيدلة ساهمت في تقدم علم العقاقير .وله 200 كتاب ومقال في مختلف جوانب العلوم.

ابن النفيس
هو علاء الدين على بن أبى الحزم القَرشي الدمشقي، الملقب بابن النفيس ( 607 ه/ 1213 - 687 ه) عالم وطبيب عربي، مكتشف الدورة الدموية الصغرى. يعتبر من رواد علم وظائف الأعضاء في الإنسان، حيث وضع نظريات يعتمد عليها العلماء إلى الآن.
ولد على مشارف غوطة دمشق، وأصله من بلدة قُريشية قرب دمشق. تعلم في البيمارستان النوري بدمشق، حيث درس بالإضافة للطب: الفقه واللغة والمنطق والأدب، حتى أصبح من فقهاء الشافعية وطبيباً مميزاً.
انتقل إلى القاهرة في عام 1236 م وعمل في البيمارستان المنصوري (مستشفى قلاوون الآن). أصبح مشرفاً على البيمارستان المنصوري وحمل لقب رئيس أطباء مصر وطبيب السلطان وظل هكذا حتى وفاته في القاهرة عام 687 ه.
أوصى بمكتبه وكتبه وأمواله للبيمارستان المنصوري بالقاهرة قائلاً : إن شموع العلم يجب أن تضيء بعد وفاتي. من أهم مؤلفاته: الشامل في الصناعة الطبية - بغية الطالبين وحجة المتطببين - بغية الفطن من علم البدن - المختار في الأغذية لمداواة الأمراض بالغذاء - الرماد - شرح تشريح القانون: جمع فيه أجزاء التشريح المتفرقة في كتاب القانون لابن سينا وشرحها، وفيه وصف الدورة الدموية الصغرى فكان مكتشفها الأول. الصفحة الأولى من احدى كتب ابن النفيس الطبية. وهذه نسخة صنعت في الهند في القرن السابع عشر أو الثامن عشر.

ابن سينا
وهو أبو علي الحسين بن عبد الله بن الحسن بن علي بن سينا، اشتهر بالطب والفلسفة واشتغل بهما. ولد في قرية (أفشنة) الفارسية قرب بخارى (في أوزبكستان حالياً) من أب من مدينة بلخ (في أفغانستان حالياً) و أم قروية سنة 370 ه ( 980 م) وتوفي في همذان سنة 427 ه ( 1037 م). عرف باسم الشيخ الرئيس وسماه الغربيون بأمير الأطباء. وقد ألّف 450 كتاباً في مواضيع مختلفة، العديد منها يركّز على الفلسفة والطب. إن ابن سينا هو من أول من كتب عن الطبّ فى العالم الإسلامي ولقد اتبع نهج أو أسلوب هيبوكراتس و جالين. من مؤلفاته في الطب: كتاب القانون الذي ترجم وطبع عدّة مرات والذي ظل يُدرس في جامعات أوروبا حتى أواخر القرن التاسع عشر. وكتاب الأدوية القلبية وكتاب دفع المضار الكلية عن الأبدان الإنسانية وكتاب القولنج ورسالة في سياسة البدن وفضائل الشراب ورسالة في تشريح الأعضاء ورسالة في الفصد ورسالة في الأغذية والأدوية وأراجيز طبية.

الزهراوي
هو أبو القاسم خلف بن عباس الزهراوي( 936 - 1013 )، عالم وطبيب أندلسي، ولد في  مدينة الزهراء بالأندلس عام 936 م. عرف في الغرب باسم Abulcasis . ويعتبر أشهر جراح مسلم في العصور الوسطى، والذي ضمت كتبه خبرات الحضارة الإسلامية وكذلك الحضارتين الإغريقية والرومانية من قبله.
كتب الزهراوي كانت أساس الجراحة في أوروبا حتى عصر النهضة.
أعظم إسهام له في الحضارة الإنسانية كان كتاب التصريف لمن عجز عن التأليف، والذي تألف من 30 مقالة (كل مقالة تبحث في فرع من فروع الطب) وخصص المقالة الثلاثين لفن الجراحة (أو صناعة اليد كما كان يطلق عليها في ذلك العصر)، يحتوي الكتاب على صور للمئات من الآلات الجراحية أغلبها من ابتكار الزهراوي نفسه.
وأجرى الزرقاوي عملية استئصال الغدة الدرقية Thyroid والتي لم يجرؤ أي جراح في أوروبا على إجرائها إلا في القرن التاسع عشر أي بعده بتسعة قرون.

ابن زهر ...رائد علم الأورام
هو عبد الملك بن زهر بن عبد الملك بن مروان بن زهر الأيادي أبو مروان الإشبيلى عالم طب وطبيب معالج ولد في مدينة اشبيليا، درس ابن زهر علوم الدين واللغة والحديث واخذ الطب عن أبيه ولم يمارس طوال حياته غيره من العلوم، وكان حسن المعالجة والتشخيص وماهراً في معرفة الأدوية المفردة والمركبة وفوائدهما ، ولابن زهر في الطب إبداعات: من بينها اعتماده الملاحظة السريرية والتجربة والاختبار. وقد توصل إلى دراسات وتشخيصات سريريه لأول مرة لمرض السرطان والأورام الخبيثة. وهو أول من أشار بالوصف الدقيق إلى الورم الذي يحدث في الصدر وفي الغشاء الذي يقسم الصدر بالطول ، ويسمى حديثا بالتهاب المنصف. وله أيضا ملاحظات سريريه في السل والشلل البلعومي.
وقد عالج ابن زهر الخثر وهو جرب العين عند العرب والرمد الحبيبي حديثا وكان يعرف عند اليونان باسم :التراكوما ، بواسطة الجراحة، بشق شريان الخثر. مؤلفاته: "التيسير في المداواة والتدبير " و "الاقتصاد في إصلاح الأنفس والأجساد ".و "الزينة " و: "الأغذية والأطعمة " و "الجامع في الأشربة والمعجونان " و: "القانون "، وله رسائل\ في : "الحميات " و: "علل الكلى " و: تفضيل عسل النحل على السكر وهي رسالة انتقد فيها أطباء عصره ، الذين يفضلون السكر على العسل في تركيب الأدوية و الأشربة .وله رسالة: "التذكرة " وقد صنفها ابن زهر في أواخر حياته، وهي في الدواء المسهل.

ابن وافد ...رائد الأدوية المفردة
هو عبد الرحمن بن عبد الكريم بن يحيى بن وافد مهند أبو المطرف اللخمي عالم طب وصيدلة ونبات وكان ماهراً في علوم الفلاحة وكان من أشراف مدينة طليطلة ووزرائها وقد اشتهر في أوروبا باسمه في نطقه العربي ولد بطليطلة واستوطن قرطبة، وأخذ الطب عن أبي القاسم الزهراوي إنجازاته العلمية: كان ابن وافد يرى ما يراه أطباء العصر الحديث ولا يرى ما لا يرونه. فهو لا يرى التداوي بالأدوية ما أمكن التداوي بالأغذية أو بما هو قريب منها فإذا دعت الضرورة للأدوية فمن الأفضل التداوي بمفردها لا بمركبها، فإن اضطر إلى المركب منها كان على الطبيب إلا يكثر من التركيب أي أن الغذاء قبل الدواء ولهذا السبب عرف ابن وافد في أوروبا في العصور الوسطي بالفيلسوف ابن وافد وقد عانى في جميع الأدوية وترتيبها نحوا من عشرين سنة لتصحيح أسمائها وتحديد صفاتها وخصائصها وتفضيل قواها ودرجاتها.
مؤلفاته: "الأدوية المفردة " و "منظومة في الطب " وتتألف من 5000 بيت وهي مرتبة في ست مقالات المقالات الأربعة الأولى منها في الأمراض من الرأس إلى القدم وقد خصص المقالة الثانية لأمراض العين وهي في أربعمئة بيت والمقالة الخامسة أفردها للحميات . وله كتاب "الوساد في الطب " وهو عن الأمراض ومعالجتها من الرأس إلى القدم .

مجلة الأدب العلمي  العدد السابع  محطات

0 comments: