Posted by Scientific Literature magazine مجلة الأدب العلمي | 0 comments

قدرات الإنسان بين التطوير والإهمال (حقائق عن الطاقات الكامنة) ....الأدب العلمي العدد العاشر


د. طالب عمران

كنت أحاول النوم لأن لدي عملاً كثيراً في صباح الغد في ساعة مبكرة وكانت الساعة تقارب الثانية عشرة ، ولكن قلقاً غامضاً أصابني لدرجة منع عيني من النوم وأنا أتقلب على الفراش نهضت وكانت الساعة تقارب الثانية عشرة والنصف وحاولت الجلوس خلف طاولة تتكدس عليها أوراق البحث الذي أعده ، ولكنني لم أستطع فوطنت نفسي على العودة إلى الفراش ومحاولة النوم وأنا افسر هذا القلق الغامض بكثرة فناجين القهوة التي شربتها في ذلك اليوم ، رغم أنها حقيقة أقل من المعتاد ، ولم تمنع عني النوم يوماً ...
وأخيراً غفوت وكانت الساعة تقارب الواحدة، رأيت في الحلم أنني في المسجد وهناك جمع غفير، وفي الأمام ثلاثة توابيت، وفجأة اقترب التابوت الأوسط مني حاولت أن ابتعد ولكنه ازداد اقتراباً ثم توقف على بعد خطوة واحدة، وأنا مذهول خائف.. استيقظت، كانت الساعة تقارب الواحدة والربع وكنت أحس بالخوف والذهول وأنا أتخيل اقتراب التابوت مني، وعاد إلي القلق من جديد نمت نوماً متقطعاً مزعجاً.. وفي الصباح الباكر طرق علي الباب أحد أقربائي يعلمني أن والدتي قد توفيت في الليل، وكان أهلي يقيمون في مدينة أخرى تبعد عن دمشق نحو ثلاث ساعات ونصف وكان المطر يهطل بغزارة والسفر بهذا الطقس غير مأمون.. حدثت لي حوادث وأنا أقود سيارتي (البيك آب) عطلتني عن السفر قليلاً ولكنني وصلت في نحو الواحدة ظهراً إلى منزل أهلي والشيء الذي لا أنساه طيلة حياتي ، هو أنه في تلك الساعة التي قلقت فيها واقترب مني أحد التوابيت أي الواحدة والربع صباحاً كانت أمي حينها تحتضر، وفي المسجد قبل الدفن كان المنظر الذي رأيته في الحلم ثلاثة توابيت موضوعة أمام جمع غفير هو نفس المنظر الذي رأيته وتابوت أمي ممدد وسط تابوتين كما في الحلم.. حادثة حقيقية حدثت قبل أشهر رواها لي وهو يرتعش خوفاً، صديق يحمل دكتوراه في العلوم وقلما يبحث معي في مثل هذه القضايا.. كان مستغرباً وهو يروي لي كيف رأى أمه متوفاة في الحلم وهو يبعد عنها نحو ( 400 )كيلو متر.. ومثل هذه الحوادث كثيراً ما يرويها الناس وقد لا تكون في بعضها أي مبالغات.. وتنتمي تفسيراتها إلى ما يسمى بقدرات الحاسة السادسة أو الرؤية المستقبلية
المسبقة.. والتواصل عن بعد. كان صديقنا هو الابن البكر في العائلة وكان مقرباً من والدته، ومتعلقاً بها وما رآه في الحلم ليس سوى رؤية مسبقة انتقلت إلى اللاشعور عنده فأقلقته ومنعت عنه النوم في البداية وحين نام بعدها رأى التوابيت الثلاثة ورأى الأوسط منها يتقدم نحوه دون أن يدري أن ما رآه كان سابقاً للحدث أكثر من 13 ساعة وأن التابوت الأوسط نفسه كان تابوت والدته المتوفاة..
إن العلماء والباحثين قد اتجهوا في السنوات الأخيرة لدراسة هذه القدرات عند الإنسان وتطويرها، وأصبح علم نفس الحاسة السادسة علماً قائماً بذاته لا أوهام فيه ولا خرافات.. وأذكر أنني كنت أود الانتقال من (كويتا) وهي مدينة باكستانية تقع إلى الجنوب من الحدود الأفغانية إلى (تفتان) على الحدود الإيرانية.. وحين هممت بالصعود إلى إحدى الحافلات التي تنقل الركاب بين المدينتين والتي تستغرق في رحلتها نحو ( 20 ) ساعة في منطقة أغلبها صحراء قاحلة أحسست بالانقباض وأنا أحاول أن أضع حقيبتي بين أثاث الركاب، وقد أفسحوا لي مقعداً أمامياً ازددت انقباضاً والمعاون ينادي الركاب. والسائق يبتسم في وجهي وقد أحس من سحنتي أنني غريب عن البلاد.. وحين أوشكت الحافلة على الحركة صعد راكب جديد يبحث عن مقعد وسط الجموع المكتظة ودون أن أشعر، حملت حقيبتي ودعوته للركوب مكاني..
وبعد نحو ساعة ولم أكن عندها أحس بالندم لما فعلت، صعدت إلى حافلة أخرى وبعد نحو ست ساعات من السفر المتواصل توقفت الحافلة فجأة لنعاين نحن الركاب الحافلة التي تقدمتنا وقد انقلبت على جانبي الطريق وقربها عدد من الناس المتجمعين بفضول ، وقد توقفت سيارة إسعاف انشغل رجالها بإخراج بعض الجرحى الذين حشروا داخل الحافلة..
هل كان الإحساس بالخطر هو الذي أملى علي ما فعلت وقد كشفت حاستي السادسة عنه؟
إن الإنسان قد يتلقى بإحساسه الغامض إشارة الخطر ويستطيع إذا طور قدراته أن يحذر من يراه من خطر داهم أيضاً.... وهذا القول يحتاج لتفسير وشرح يلزم لتحقيقه إعطاء فكرة واضحة عن علم الباراسيكولوجي،علم نفس الحاسة السادسة..
يتمتع الإنسان بقوى خارقة ولكنه لا يستثمر سوى جزء ضئيل جداً من هذه القوى وهذا المبدأ هو الذي يجعل من يطور قدرته ويستثمر جزءاً أكبر منها، يقوم بأعمال تبدو خارقة لآخرين.. كالذي يدفن نفسه لثمانية أيام في قبر.. ثم ينهض صحيحاً معافى، أو الذي يرتفع بجسمه فوق الأرض متغلباً على قوانين الجاذبية المعروفة أو كالذي يخفض من عدد نبضات قلبه إلى أقل من عشر نبضات في الدقيقة وجميع هذه الحالات رأيناها وجهاً لوجه، وعاينا صحتها مباشرة، وتأكد لنا أنها حقيقة رغم أنها تبدو خارقة للناس..
بعد أن فحص الأطباء جثة أحد المعمرين الذي عاشوا نحو 138 عاماً في جبال البيرينيه في فرنسا أواخر الستينيات تأكد لهم أن جسم الرجل مصاب بأمراض كثيرة أحصوها فوجدوا أن عددها يقارب ال ( 40 )مرضا  تكفي الإصابة بأحدها فقط لقتل الإنسان.. وحين سألوا زوجته – وهي في عمر يزيد على المئة سنة – قالت لم يكن يشتكي من شيء.. كان أحياناً يقول لي بطني يؤلمني فأقول له لماذا لا تراجع الطبيب، ولكنه يجيب لا بأس إنها أزمة عارضة ثم ينسى ألمه ولا يعود يتذكره... وكان يقول أحياناً أحس بصداع شديد ثم يكرر نفس اللازمة لن يلبث أن يزول لا بأس.. هذه القصة الحقيقية تبين مدى قدرة الإنسان على تحمل المتاعب، مادام قوي الإرادة فلو استسلم لليأس لدى أقل عارض صحي يصيبه فإن صحته سرعان ما تتدهور، وربما كان في ذلك هلاكه.. وهناك أنواع من الناس ممن يمكن أن نسميهم بمرض الوهم.. يتوهمون الأمراض ويحسون بآلامها، دون أن يكونوا مصابين فعلاً بها. وتروي الكتب قصصاً كثيرة عن مثل هؤلاء الناس، الذين يمرضون بالوهم ويتشبث بهم الوهم نفسه حتى يقتلهم.. مثل ذلك الصيدلي الذي سمح بانتشار وباء الكوليرا وأتى إليه بعض الناس يطلبون أدوية ضد الإسهالات الشديدة.. وقد تخيل وهو يغلق صيدليته في المساء أن معدته تؤلمه وأن مغصاً حاداً يقطع أمعاءه فأيقن أنه مصاب بالكوليرا وكبر الوهم في نفسه شيئاً فشيئاً وهو يقطع الخطوات الأخيرة إلى دارة التي تبعد عن مكان عمله نحو كيلومترين.. وكان يقطعهما يومياً سائراً على قدميه ولم يصل إلى باب منزله حتى سقط على الأرض يتقلب من الألم.. ورآه أحد جيرانه ممدداً على الأرض وحين رفع رأسه وجده ميتاً وقد خاف فعلاً أن يكون مصاباً بالكوليرا ولكن الطبيب قال لزوجته وهو يتفحص الجثة ( زوجك مات بالوهم وليس مصاباً بأي مرض عضوي ).
النفس البشرية فيها كثير من القدرات الكامنة.. ولكن على الإنسان كما قلنا أن يستخدم هذه القدرات لا أن يضيع طاقاته في السعي لكسب عيشه والصعود في السلم الاجتماعي واللهاث وراء المركز والشهرة.. وكلما ارتفع ازداد أنانية ونرجسية ..وخفت بالتالي قدراته الإيجابية. إن الإرادة في التصميم يمكنها قهر الصعاب مهما اشتدت ولو طور المرء قدرة التخاطر عنده لصنع المعجزات. وقد عاش كتاب كبار أثروا بالإنسانية بإبداعاتهم، هوس قدرات الإنسان الأخرى غير المستعملة ويروى عن (تشارلز ديكنز) الكاتب الانكليزي المشهور أنه كان يخلص زوجته من أرقها الدائم بأن ينومها مغناطيسياً، وكان التنويم المغناطيسي مشهوراً في القرن التاسع عشر ويروى عن ديكنز عندما سافر إلى أميركا، أنه التقى بالكاتب الأميركي ( ادغار الن بو) وأن بو الذي كان يعيش حياة غامضة، كان مولعاً أيضاً بالتنويم المغناطيسي وقد دعا ديكنز ليريه كيف نجح في تنويم رجل يحتضر مغناطيسياً وأن الرجل نائم بين الحياة والموت منذ فترة طويلة.. وحين رأى ديكنز الرجل المحتضر وهو يتمتم بخفوت «أرجوك دعني أموت » وكان يعني بو بذلك.. يرجو ديكنز عندها من بو أن يريح الرجل ويدعه يموت بهدوء فينفجر بقهقهه مدويّة : «إن روحه لا تزال في جسده وفي استطاعتي أن أطيل مدة احتضاره لأسابيع طويلة.. » ولكنه مع إلحاحات ديكنز ينقذ الرجل من نومه المغناطيسي فيرى ديكنز عندها منظراً مرعباً مقرفاً: آلاف الديدان تخرج من جسد الرجل الذي بدأ يتفسخ وبتشوه بسرعة غريبة. ورغم أن التنويم المغناطيسي أصبح علماً قائماً بذاته.. فإن استخداماته لاتزال محصورة في عيادات الأطباء النفسانيين.. وقد نجح التنويم المغناطيسي في الكشف عن كثير من الحوادث الكاذبة التي رواها الناس عن الأطباق الطائرة كما أكد أيضاً بعض هذه الحوادث.. إذ تطابقت أقوال الشخص قبل تنويمه وبعد تنويمه..
ففي 19 أيلول عام 1961 رأى (بارني هيل) الموظف بمصلحة البريد وزوجته بيتي وهما يقطعان الطريق الجبلي في (وايت ماونتس WHITE MOUNTES ) - الجبال البيضاء - نجمة مضيئة تلمع أمام القمر ظناها قمراً صناعياً ولكن الضوء كان في ازدياد إلى أن رأيا جسماً طائراً متحركاً أصبح فوقهما وحين أوقف بارني السيارة وخرج منها رأى سلماً صغيراً ينزل من الجسم الدوراني وبدأت السيارة تهتز وحين دخلها وحاول تشغيلها لم يفلح وأحس وزوجته برعشة كهربائية وصوت أزيز ودغدغة ودوار ثم فقدا الوعي.. وبعد مدة عادت إليهما ذاكرتهما فرأى بارني أنه يقود السيارة وزوجته إلى جانبه في مكان يبعد عن المكان الذي فقد فيه الوعي مسيرة ساعتين ونصف أما كيف حصل ذلك وماذا جرى لهما خلال تلك المدة فظلت عندهما لغزاً حتى كانون الثاني عام 1964 عندما ظهرت قرحة معدية عند بارني وأقنعه صديقه «والتروب » وهو يعمل في لجنة البحث في الأحداث الجوية أن يراجع وزوجته الدكتور «بينيامين سيمون » وهو طبيب نفساني مشهور طبق عليهما علاج التنويم المغناطيسي مصمماً على معرفة مدى صدق الحادثة التي روياها عن الجسم الطائر الذي وقف فوق سيارتهما في الجبال البيضاء قبل نحو عامين وأربعة أشهر ووضع الطبيب حاجزاً فكرياً بينهما كيلا يتمكنا من تبادل المعلومات وكيلا يتفقان حول أمور معينة.. وقد سمع الطبيب وهو يستجوبهما قصة مذهلة عن لقاء من النوع الثالث جرى معهما إبان الساعتين والنصف التي فقدا خلالها الوعي.. لقاء كائنات من عوالم أخرى ترتدي ألبسة غريبة وحين تبادل الزوجان الحديث مع تلك الكائنات عرفا أنهما من مكان بعيد في المجرة وقد رسما صورة اتفقا عليها تماماً عن مكان الكوكب الذي تستوطنه تلك الكائنات.. ولامجال هنا لذكر تفاصيل تلك الحادثة لأنها هزت الرأي العام الأميركي حال الإعلان عنها من قبل الطبيب النفسي.. وأكدت العالمة الفلكية الأميركية (مارغوى فيش) أن الخارطة التي اتفق الزوجان على رسمها تمثل جزءاً من كوننا وأشير فيها إلى النجمة سيتا التي تبعد عنا 36 سنة ضوئية..
ولكن هل يمكن استبعاد الخيال في حالة الاستجواب عن طريق التنويم المغناطيسي ؟
لقد أكدت الأبحاث أن ذلك غير مستبعد ولكن في حالة بيتي وبارني تبدو العملية مقنعة كما أكد أطباء النفس.. والحديث يطول ويطول حول قدرات الإنسان والحاسة السادسة ولغة التخاطر والتنبؤ بالمستقبل
وفي إحدى العيادات العادية في مدينة ( نيزهني تاجيل) في جبال الأورال أسرت روازاكواليشوفا وهي فتاة في الثانية والعشرين من عمرها إلى طبيبها أن بإمكانها أن ترى بأصابعها وقدمت له الدليل على ذلك إذ طلبت منه أن يغطي عينيها جيداً وبدأت تمرر أصابع يدها اليمنى على صورة أعطاها لها الطبيب ليختبرها وأخذت تحدد ألوان الصورة بدقة مدهشة ثم مررت أصابعها على إحدى الصحف وأخذت تتحسس الكلمات والسطور وتقرأ للطبيب ماكتب بدقة مدهشة كان ذلك في ربيع عام 1962 وقد ولدت روزا في نيزهني تاجيل في تلك المدينة الصناعية التي اشتهرت بمناجمها كانت حياتها رتيبة هادئة مغلفة بالأحلام الوردية.
ومنذ السادسة عشرة من عمرها وهي تشرف على فرقة مسرحية للعميان في المدينة وقد أصيب بعض أهلها بالعمى فتعلمت روزا معهم القراءة على طريقة (برايل) ورغم قصرها وسمنها كانت تحلم بأن الحياة ستفتح أمامها على مصراعيها وستتحقق كل ما تصبو إليه وقام طبيبها الاختصاصي بالأعصاب بعدة تجارب عليها حيث تعرفت على لون وشكل منحن مرسوم على جهاز ذبذبة الكتروني كما قرأت نص مسألة حسابية وتمكنت بسرعة كبيرة من تخطي كل تلك التجارب التي أجراها عليها وهذا ما دعاه لإشراكها في المؤتمر الإقليمي لرابطة (النفسانيين) الذي انعقد في (تاجيل) في خريف عام 1962 وقد أحاط المؤتمرون عينيها بعصابة كثيفة و بدأوا  بإجراء اختباراتهم أيضاً وحين تساءلوا عن سبب تلك القوة الخارقة أجابت (روزا) للتو: «منذ ست سنوات وأنا أتدرب على ذلك لعدة ساعات في النهار وأحلم أن أجعل العميان يرون بأصابعهم ويقرؤون الكتب المطبوعة بالطريقة العادية وليس بطريقة برايل وأن يروا الصور الملونة ويقرؤوا الصحف .» وأصبحت روزا بعد المؤتمر معجزة (التاجيل).. وهو اسم المنطقة التي تعيش فيها... ووصلت إلى موسكو حيث أجرى اختصاصيو أكاديمية العلوم اختباراتهم عليها فنجحت نجاحاً منقطع النظير وأصبحت محط أنظار العالم وحين فحصها فريق من البحاثة في عيادة الطبيب النفسي في (سفردلوفسك) تحت إشراف الدكتور (شافر) الاختصاصي النفسي المشهور تبين أن روزا يمكنها أن ترى بأصابعها رغم الحواجز السميكة وهي لا تملك الحساسية الخاصة التي اعتقدوا أنها تملكها والتي تسمح لها بالتمييز بين حبيبات الأصبغة على اختلاف أنواعها وتعرفت الأصابع على الألوان خلف لوح من الزجاج وقرأت كتابات و نوطات موسيقى.. وحين سخن الدكتور شافر لوحات الألوان الباردة كالأزرق والبنفسجي وبرد لوحات الألوان الساخنة كالأحمر ظلت روزا ترى بأصابعها ولم يطرأ على حاستها أي تغيير؟ ودون أدنى شك تأكد لدى العلماء أن روزا تتمتع بموهبة خارقة حاسة سادسة تمكنها من استشفاف ما حولها بأصابعها دون استخدام عينيها.
وبدأ الأطباء ينتبهون لمثل هذه الظاهرة التي تكررت أكثر من مرة و بدؤوا يدرسون قدرة بعض العميان الذين فقدوا أبصارهم في حوادث طارئة على الإحساس بمن حولهم وتخيلهم بشكل يقارب الحقيقة..
وفي بلغاريا تعيش العرافة العمياء (فانكا) التي تستطيع عن طريق ملامستها لمكعبات السكر أن تقرأ الأحاسيس والأفكار لأي شخص احتفظ بالمكعبات تحت وسادة نومه لساعات و)فانكا( في العقد الثامن من عمرها وتقطن في مدينة بيتريش التي تبعد نحو (180 ) كيلومتراً عن صوفيا جنوباً على الحدود اليونانية وفي الثاني من كانون الأول ( 1981 ) أجرى مندوب الكفاح العربي (عبد الأمير عبد الله) لقاء مع فانكا في بلغاريا البلد الاشتراكي الذي أبقى على فانكا كرمز وكأسطورة لا تقبل التأويل وقد تنبهت الدول الاشتراكية إلى ظاهرة الحاسة السادسة والاستبصار والسيكوكينيزيا (أي المقدرة التي يمتلكها الفكر أو الذهن المركز على تحريك المادة) وبدأ العلماء السوفييت في العقدين الماضيين يدرسون بعمق الظواهر الباراسيكولوجية. وقد نشرت المقالة في 4 / 1/ 1982 وقد تحدث عبد الأمير عبد الله عن أن رئيس بلدية «بيتريتش » ساعد في تحديد الموعد مع فانكا وعلم منه أن فانكا ولدت عام 1919 في مدينة استروميتزا اليوغسلافية سابقاً والبلغارية حالياً وأصيبت في الثانية عشرة من عمرها بمرض العيون واحتاجت لعملية جراحية سريعة لم يتمكن والدها الفقير من جمع المبلغ اللازم لها وهكذا فقدت فانكا البصر وفي عام 1941 هاجرت فانكا إلى بيتريتش ويعتبر رئيس البلدية أن قدرة فانكا طبيعية في نظر العلم لأن في الدماغ مليارات الخلايا لايستخدم منها الإنسان سوى مليار فقط. ويصف عبد الأمير عبد الله حقيقة فانكا الجميلة وجدران بيتها الأبيض ثم الغرفة التي استقبلته بها وحين دخل طلبت من سائق السيارة الخروج بأمر نافذ مع أنها لم تره – كانت عيناها الغائرتان لا تكاد أن تظهرا، «أعطني قطعة السكر أيها الصحفي اللبناني » وبدأت تتلمسها بحركة رشيقة وبدأت تصف شكل الصحفي بدقة وكيف نزع نظارته عندما دخل وبدأت تحكي له عن حياته بتفصيل مدهش ولا يهمنا ما دار في الحديث بقدر ما يهمنا قدرة فانكا على الرؤية بواسطة الأصابع: فقد كانت تصف كل شيء كأنها تراه بميكروسكوب غير عادي... وقضية التنبؤ والاستبصار.. ورؤية الحوادث قبل وقوعها جزء صغير من قدرات الإنسان الخارقة ونماذج الناس الذين يملكون تلك القدرات بدأت تشغل الباحثين في السنوات الأخيرة وبدأت التجارب تجري على التخاطر عن بعد واستخدام التخاطر في الأبحاث الفضائية وقد صرح أبو الصواريخ السوفيتية (تسيلكوفيسكي)، قبل تسعين عاماً متنبئاً بالاهتمام بالتخاطر في عصر الأسفار الفضائية. «ستظهر الحاجة بوجه خاص إلى الملكات التخاطرية ولسوف تساهم هذه الملكات في تقدم الإنسانية العام » وفي الوقت الذي يفترض فيه الصواريخ أن تحمل الناس باتجاه أسرار الكون الكبرى يمكن لدراسة الظاهرات الميتانفسية أن تقودنا إلى معرفة أسرار النفس وفك أسرار هذا اللغز هو على وجه التحديد الذي يفتح أمام الإنسان أرحب الآفاق..

مجلة الأدب العلمي العدد العاشر  ظواهر وخفايا 

0 comments: