Posted by Scientific Literature magazine مجلة الأدب العلمي | 0 comments

الدفاع عن النفس ....الأدب العلمي العدد الثاني عشر


أ.د. طالب عمران

لعلّ أشنع الحيوانات منظراً ، وأحقرها صفاتاً هو الضبع ، والضباع قد تكون مخططة أو رقطاء أو داكنة اللون ، وهي ضخمة الحجم أحياناً ، ثقيلة التكوين في حجمها وارتفاعها وشراستها ، وذيلها قصير وكثيف .. أما الرقبة والرأس والفم فهي أعضاء قوية .. يقال إنها حيوانات شرسة غادرة .. بالطبع ، فهي تعيش على اللحوم وتلتهمها سواء أكانت غضّة أم مضى عليها زمن طويل حتى صدرت عنها رائحة التفسّخ الكريهة .. وتعرف بأنها تكنّس البقايا النتنة .. ويبدو جسمها البشع أحياناً وهي تعترض السابلة ، بارتفاع كتفيها عن النصف الخلفي من جسمها ، وينتشر على الكتفين والرقبة شعر خشن شائك .. يقال أن الضباع لا تخرج إلا في الليل .. أهو قول صحيح .؟ نعم فهي تنام في النهار في كهف أو مكان معتم ، وتخرج في الليل للصيد وملاحقة طعامها ، وأحياناً نجد عدداً كبيراً من الضباع حول جثّة متفسّخة .. أهي تتواجد في بلادنا .؟ بالطبع فبلادنا من البلدان التي تعيش فيها الضياع ، في الجبال المطلّة على البحر المتوسط، أو في مناطق الغابات الشمالية ، والغاب ، والأحراج المتكاثفة ... يسمون بعض الضباع أحياناً بالضباع الضاحكة ... نعم .. لأن إحدى نبرات صوتها ، هو صوت ضحكة بشرية مفزعة ، وتخرج الضباع أصواتاً متباينة من زمجرة ودمدمة وهمهمة وغير ذلك من الأصوات القبيحة ، وتنتشر الضباع المخططة في شمال أفريقيا وشمال غربي الهند وتطلق أصواتها المروّعة .. ومن بين الضياع المخططة ، الضباع الضاحكة .؟ نعم .. وهذه الضباع الضاحكة شديدة الفتك بالضحايا ، وكانوا يذكرون في إحصاءاتهم أن ضحاياها الكثيرين قد لا يسلمون من هجماتها الموكّزة في الليل .. وفي المناطق الحارة حيث تتشابك أشجار الغابات ، وترتفع الأعشاب المتطاولة وتجري الأنهار الغزيرة ، تتعايش الحيوانات المجترّة مع بعضها بحذرٍ وريبة .. لا تأمن غدر الحيوانات المفترسة، ولكن خطراً آخر يهددها هو خطر الفيضان .. بعد أيام طويلة من الجفاف الذي قضى على حيوانات كثيرة ، فإن قطعان الجواميس في أفريقيا تتحرك بلا وجهة ، خائفة من المطر المنسكب الغزير ، والمياه المتجمعة تتحرك تياراتها تجرف كل شيء في طريقها . حيوانات مفترسة تهدد الجواميس التي تتجمع مع بعضها .. ويمكن أن ترى بين القطيع جاموسة تلد ، ويخرج العجل الصفير بهدوء ، وتمر دقائق قبل أن يتمكن من الوقوف . أقل تأخر قد يهدد بالموت ، قبل أن يتخلص من حبل أمه السرّي الطويل، لينجح أخيراً في الركض المتعثر تحميه الجواميس الكبيرة .. تبدأ القطعان بالاندفاع متغلبة على غريزة الخوف ، يندفع القادة أولاً ثم يندفع القطيع، يموت الكثير ، وينقطع البعض في انتظار المصير البائس غرقاً أو جوعاً أو قتلاً على يد الحيوانات المفترسة ، إنها سمفونية الطبيعة تتكرر باستمرار .

مجلة الأدب العلمي   العدد الثاني عشر   تحت المجهر

0 comments: