Posted by Scientific Literature magazine مجلة الأدب العلمي | 0 comments

الشمر ... صيدلية في نبتة ....الأدب العلمي العدد الثالث والرابع


بريهان فارس عيسى

الطبيعة غنية بألوان الأعشاب التي تحمل فوائد جمة للناس ، وكل ما تغتني به هذه الطبيعة له لزوم ، إذ لا شيء فيها لا يلزم الإنسان .
نتوقف هنا في رحلة معرفية وطبية مع نبات الشمر .
الشمر هو نبات مائل إلى اللون الأصفر، ومعروف لدى شعوب البحر المتوسط ، ينمو بين 4- 5 أقدام في الطول.
تجذب زهور الشمر ذات اللون الذهبي النحل، أما الزيت المستخرج من الشمر فيكون من بذوره بعد كسرها حيث لها مذاق حلو ورائحة عطرة ، كما أنه يهدئ المعدة والتشنجات أيضاً. والشمر: Fennel من النباتات المشهورة والمعروفة وهو نبات عشبي معمر ، من الفصيلة الخيطية ، كثيرة الأغصان بأوراق خيطية تتدلى إلى الأسفل، ولونها يميل إلى الزرقة، ساقها مبرومة زرقاء أو حمراء داكنة، والأزهار مظلية ذات لون أخضر إلى مصفر تكوّن حبيبات صغيرة طولانية صفراء.

أسماء كثيرة تدل على منافع جمة

هناك أسماء وألقاب عديدة تطلق على هذه النبتة الغنية وذلك نسبة إلى فوائدها الكثيرة ، وإلى الأمراض المتنوعة التي تعالجها ، ومن هذه الأسماء والتعريفات:
السنوت ، والرازيانج ، والشمار ، والبسباس، والكمون ، والشمرة ، والشمر المر ، والشمر الحلو ، والحلوة ، والحبة الحلوة ، وحبة الحلاوة العربية ، والشمر الكبير ، وشمر الحدائق ، والشمر الوحشي ، والشمر الزهري .. أما الاسم العلمي لهذا النبات فهو: Foeniculum vulgare

من خصائص الشمر السنوت

يحتوي الشمر (السنوت) على زيوت طيارة وأهم مركبات الزيت مركبي الانيثول Anethole))  والغينشون  (Fenchonp)  وتعود الرائحة المميزة للسنوت إلى المركب الأخير، كما يحتوي على مركب الاستراجول(Esthagole) بالإضافة إلى فيتامينات أ، ب، ج ومعادن الفسفور والكالسيوم والكبريت والحديد  والبوتاسيوم.
وقد عرُف في بلدان حوض البحر الأبيض المتوسط ، ثم انتشر إلى أمريكا الجنوبية عن طريق الإسبان ، ثم في الولايات المتحدة الأمريكية. وقد دخل إلى ولاية فرجينيا الأمريكية بواسطة الإنجليز. ينتشر نبات السنوت في كل من مصر واليونان وسورية وجميع بلدان المغرب العربي وبكثرة في جنوب المملكة العربية السعودية ويعتبر أفضل الأنواع، ويُعرف في تلك الأماكن باسم السنوت. وتعتبر مصر وسورية من أكثر البلدان المنتجة للشمر.

المكانة الطبية

استخُدم الشمر (السنوت) منذ آلاف السنين لعلاج كثير من الأمراض ، فقد استخدمه الفراعنة تحت اسم ( شماري ) . وعثر علماء الآثار على ثماره في مقابر بن حسن ودهشور، بينما ورد ذكره في بردية هاريس الطبية تحت اسم ( شامارن) ، ومن المعروف أن اسمه بالقبطية القديمة ( شمارهوت) بينما ورد في بردية ايبرز وبرلين تحت اسم (بسباس ) الذي احتفظ به العرب ، ثم تحول بعد ذلك إلى بسباسة.
كما ورد الشمر في بردية هيرسيت كمنبه عطري للمعدة، أما في بردية ايبرز الطبية فهو علاج انتفاخ البطن وكثرة الغازات ، ويدخل ضمن عدة وصفات لعلاج نزلات البرد وتسكين الآلام. إضافة إلى أن زيت السنوت يُستخدم في صناعة العطور وبعض المواصفات الطبية.
للسنوت مكانة في الطب العربي أيضاً، فهناك أحاديث عديدة عن السنوت ، ومنها ما ذكر عبدالملك بن حبيب عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "عليكم بأربع فيهن شفاء من كل داء إلاّ من السام : السنا ، والسنوت ، والثغاء ، والحبة السوداء ." وقد ذُكر في الطب القديم إن هناك نوعين للسنوت : بري ، وستاني . ومنه صنفان : نبطي ، ورومي . وأشاد الأطباء القدماء من عرب وغيرهم بفوائده ومنها أنه يحد البصر وخصوصاً صمغه، ويفرز الحليب ، ويدر البول والطمث ، ويفتت الحصاة ، وبالأخص ما كان منه رطباً طرياً، ويحلل الرياح وينفع من التهيج في الوجه ، وورم الأطراف ، والتبخر به يسكنّ الصداع ويدفع ضرر السموم . للسنوت تاريخ قديم فقد زرعه الصينيون القدماء والهندوس والمصريون ، وزرعه الرومان وأكلوا عروقه وأوراقه العطرة الزكية الرائحة. وكان السنوت من أفضل المواد الطبية المستخدمة في العصور الوسطى حيث كانت تضاف أوراقه الطازجة إلى مأكولات السمك والخضراوات وذلك عند الأغنياء، أما الفقراء فيأكلون أوراقه كمادة فاتحة للشهية .

مكتشفات طبية معاصرة

لذلك فقد وقف الطب الحديث أمام هذه النبتة ودرسها دراسة متأنية من أجل اكتشاف المزيد من منافعها. لقد دُرس السنوت دراسة مستفيضة وقد أثبت الألمان أن السنوت من أفضل الأعشاب لعلاج تعب المعدة ، وكذلك مشاكل الهضم ، ولعلاج النفخة والغازات وإزالة المغص، وتبيّن في الطب الحديث أن أفضل طريقة لاستخدامه هو سحق ثماره ووضعها في كأس مملوءة بالحليب وشربه، كما يوصى به للأطفال دون سن الثانية كمضاد لآلام المغص وذلك بسحق ملعقة صغيرة ونقعها في ملء فنجان لمدة 15 دقيقة ، ثم يُسل الماء ويُضاف إلى حليب الطفل، ويمكن استخدام ذات الوصفة لإيقاف الإسهال عند الطفل ، كما يجوز استخدام السنوت لتهدئة وتنويم الأطفال. وقد أثبت العلماء أن مركب الاستراجول الموجود في السنوت له تأثير مشابه لتأثير الهرمونات الأنثوية ، حيث اتضح أنه يزيد من إفراز الحليب لدى المرضعات ويساعد في إدرار الطمث.
وأثبتت المستوصفات الصحية الألمانية استعمال السنوت في أشكال مختلفة مثل الأشربة ، كشراب العسل بالسنوت لعلاج احتقان الجهاز التنفسي حيث يذيب المخاط المفرز في قنوات الجهاز التنفسي وبالتالي يعمل كطارد للبلغم.
بعد هذه المكتشفات الطبية الهامة غدا السنوت في كثير من دساتير الأدوية الأوروبية يُستخدم لهذه العلاجات ، كما أثبتت الدراسات العلمية إن للسنوت تأثيراً قاتلاً لبعض أنواع البكتيريا ولهذا يستخدم لإيقاف الإسهال المتسبب عن البكتيريا ، وهناك العديد من الوصفات أذكر هنا أهمها :
أ - علاج الاضطرابات الهضمية والإمساك، وفي هذه الحالة يُحضر ثمار السنوت بمعدل ملء ملعقة أكل من مجروش السنوت تضاف إلى ملء كوب ماء مغلي ، ويُترك لمدة 20 دقيقة ، ثم يُشرب مع السنوت مرة في الصباح ، وأخرى في المساء.
ب - للمشاكل البولية مثل حصى الكلى ، أو الاضطرابات المرتبطة بارتفاع نسبة حمض اليوريك ، وهنا يُستخدم جذور السنوت بمعدل ملء ملعقة من مسحوق السنوت ، تُضاف إلى ملء كوب ماء مغلي ويُترك لمدة 15 دقيقة ، ثم يُشرب كاملاً مرة في الصباح ، وأخرى في المساء.
ت - يُستعمل مغلياً جميع أجزاء السنوت غرغرة لعلاج التهابات الفم واللثة.
ث - يُستعمل مغلياً أوراق السنوت كحقنة شرجية لعلاج المغص عند الأطفال .
ج - يُستعمل مغلي مسحوق الجذور للغرغرة في التهاب الفم أو لغسل العين أو تكميدها عند إصابتها بالتهاب الملتحمة - الرمد – أو إجهادها في القراءة أو الكتابة، وذلك بإضافة فنجان من الماء الساخن بدرجة الغليان إلى مقدار ملعقة صغيرة من مسحوق الجذور لمدة 10 دقائق .
ح - تسُتعمل أوراق الشمرة الغضة لمعالجة الثدي أيضا ، وذلك بوضع الأوراق الغضة فوق موضع الإصابة وتثبيتها بضماد ، وتسُتعمل الأوراق المسلوقة أيضا بتثبيتها ساخنة فوق البطن لطرد الغازات وتسكين الآلام الناتجة عنها في الأمعاء حتى عند الأطفال .
خ - الشمار طارد للريح ومنشط للدورة الدموية ومضاد للالتهابات.
د - مغلي البذور مسكن وملطف للمعدة ومدر للحليب أثناء الإرضاع.
ذ - زيت الشمار مفيد لمشاكل الهضم ومسكن للسعال والأمراض النفسية.
ر - يذاب زيت الشمار مع ( 25 ) نقطة من زيوت الصعتر والأوكالبتوس في ( 25 ) مل من زيت عباد الشمس أو زيت اللوز، ويفرك به الصدر لعلاج الأمراض الصدرية .
ز - كمادات شاي الشمر الدافئة والتي توضع على جفن العين تخفف من ورم الجفن وتحسن من الرؤية .

فوائد صحية عامة
 اكتشف الطب الحديث أن الشمر نافع لمعالجة الالتهابات في الجلد المخاطي - النزلة الشعبية و السعال في الصدر- ونوبات الربو ، والسعال الديكي ، والتهاب الحنجرة - بحة الصوت- وسوء الهضم في المعدة والأمعاء في إصابتها الحادة والمزمنة ، وحتى في حالات سرطان المعدة وكذلك تسُتعمل لمعالجة التالبولي حوض الكلى والمثانة والمسالك البولية .
كما أن مغلي الشمرة يفيد كعلاج في جميع الحالات المذكورة خصوصاً عند الأطفال والشيوخ و المنهوكي القوى من إزمان المرض ، فهو يغسل الجلد المخاطي ويزيل عنه إفرازات الالتهاب ويسكنّ بذلك الآلام الناتجة عنها .
بالنسبة للمرأة الحامل ، يمكن أن تشرب القليل من مغلي الشمرة أيضا لمعالجة ما قد تصاب به من اضطراب الهضم كالإمساك والغازات المعوية والغثيان أو القيء ، وكذلك الأطفال الرضع ، ثم أن مغلي حبيبات الشمرة يدر إفراز الحليب عند الرضع ، ويعمل مغلي حبيبات الشمرة بإضافة فنجان من الماء الساخن بدرجة الغليان إلى مقدار ملعقة صغيرة من الحبيبات المهروسة ويشرب منه مقدار( 3-2 ) فناجين يومياً.  أما للأطفال الرضع فيكتفي لعمل مغلي حبيبات الشمرة بكمية أقل من ربع ملعقة صغيرة من الحبيبات المسحوقة ويمكن غليها بالحليب مع الماء.
ويجوز استخدام بذور الشمر لتفريج انتفاخ البطن وتهدئة آلام المعدة وتنبيه الشهية ، وهي مدرّة للبول ، ومضادة للالتهابات، كما تسُتخدم البذور لالتهابات الحلق ، ومقشعاً معتدلاً لإخراج البلغم . والشمر مأمون للأطفال ويمكن أن يُعطى كنقيع أو فعلي لعلاج المغص وضد التسنين المؤلم عند الرضع ، ويدر حليب الثدي كما يُستعمل مغلي بذور الشمر لعلاج وتسكين نوبات السعال وذلك بأخذ ملء ملعقة كبيرة من مطحون بذور الشمر في كوب زجاجي ثم يُصب عليها الماء المغلي فوراً ويُغطى لمدة 10 دقائق ثم يصفى ويُشرب بواقع كوب بعد كل وجبة غذائية يومياً.
ومن الفوائد الهامة لعشب الشمر أنه : يحفز الشهية و يساعد في الهضم، حيث يُغلى ملعقة واحدة من بذور الشمر في 100 مليلتر من الماء لمدة نصف ساعة ويُستخدم لعسر الهضم والانتفاخ والإمساك.
ويعد الشمر من أكثر الأعشاب أماناً للاستخدام في علاج المغص والذي يساعد الطفل على التخلص من الغازات وإراحة المعدة. وهنا تُغلى ملعقة صغيرة واحدة من عشب الشمر في كوب من الماء ويترك الشمر منقوعاً في الماء حوالي 20 دقيقة، ثم يصفى ويترك ليهدأ قليلاً ، ويُعطى للطفل ، كما أنه يوصف لتهدئة المغص .
ومن المعروف عن الشمر فائدته لعلاج حصوات الكلى ، و مشاكل الدورة الشهرية ، والغثيان ، والسمنة ، وزيادة إفراز اللبن في الثدي أثناء الرضاعة الطبيعية .


مجلة الأدب العلمي  العدد الثالث والرابع محطات  

0 comments: