Posted by Scientific Literature magazine مجلة الأدب العلمي | 0 comments

الطاقة وطاقية الإخفاء ...الأدب العلمي العدد الثالث والرابع


لينا كيلاني

في كل يوم يطالعنا العلم بشيء جديد ... وبما هو جديد الجديد ... ويقف أحدنا ليتساءل إلى متى هذا التسارع في العلم والتكنولوجيا ؟ بل إلى أين سيصل الإنسان المعاصر باختراعاته ومكتشفاته ؟ بها ومعها تختلف أساليب الحياة .. وها هو الإنسان يقتحم عتبات كانت حتى الماضي القريب هي عتبات للمجهول ... أو أنها أقرب للخيال منها إلى الواقع أو الحقيقة . وكأن الإنسان في القرن الحادي والعشرين وفي قرن مضى وانقضى قد شطح بخياله إلى آفاق من التخيل لم تلبث أن أصبحت واقعاً ملموساً بفضل تسارع المنجزات العلمية وبالتالي التقنية وكل منها يفضي إلى الآخر بنسق تراكمي . فكل إضافة في العلم والاختراع هي نقطة انطلاق لمسارات أخرى جديدة .
أما الأساطير وكل ما هو محض خيال فقد ظل الإنسان يصنفها في إطار الحلم او المحال.. ولكن صدمة ما أصابت الإنسان المعاصر عندما اكتشف أن حتى هذه المعطيات التي انطوت عليها خرافاته وأساطيره خلال قرون من الزمن إنما هي تحمل في أعماقها بذرة من حقيقة أخذت تنمو وتزدهر حتى أصبحت واقعاً ملموساً يقع تحت السمع والبصر.
مَنْ منّا لم يقرأ أو يسمع ب (طاقية الإخفاء) التي وردت في قصص الخيال؟.. وكم منا مَنْ تمنى في أحلامه أن يعثر عليها ولو لدقائق أو لحظات ولو اختفت من بين يديه بعد ذلك الى غير رجعة؟.. ألن يستطيع مَنْ كان محظوظاً في عثوره على (طاقية الإخفاء) أن يفعل ما لا يستطيع أحد فعله؟.. كل هذا ربما كان صحيحاً ولكن أنّى لنا أن نعثر خارج صفحات الأساطير والحكايات على مثل هذه الأشياء.
خيال.. وسحر.. ومحال.. هذا ما انطوت عليه أساطير الإنسان وخرافاته.. ولكن في الطرف المقابل يقوم علم يرتكز على الحقيقة والثوابت وما لا يقبل البطلان. أما المزج بين هذا وذاك.. بين الممكن والمحال.. والحقيقة والخيال فهو مما لم يكن في حدود الأحلام ولا حتى أكثر الأحلام والخيال جموحاً أو تطرفاً. وإذا بالإنسان وهو يركب حصان العلم المنطلق بقوة واندفاع يجد أن المستحيل قد يكون ممكناً وأن الخيال قد يصبح حقيقة. ولو عدنا الى مثالنا في طاقية الإخفاء أو تحويل المرئي إلى لا مرئي لقلنا إن هذا ممكن.. نعم إنه ممكن.. فالاختفاء ببساطة ليس أكثر من توهم بصري بأن الشيء الموجود فعلاً هو ليس موجوداً.
وفي بحث نشر في الدورية الجديدة للفيزياء حول فيزياء الأدوات النظرية التي يمكنها خلق حالة الاختفاء يقول الدكتور أولف ليونهارت عالم الفيزياء النظرية: "إن مَثل الاختفاء كمثل المياه التي تدور في حلقات حول حجر. فالمياه تتدفق وتدور حول الحجر ثم تتركه وكأن شيئا لم يكن، وإذا ما استبدلنا الحجر بالمياه فإننا لن نرى شيئاً موجوداً هناك لأن الضوء مسلط حول الشخص أو الشيء. سوف نرى الضوء يخرج من خلفية المشهد وكأنه ليس هناك شيء في المقدمة " صحيح أن هذه الأدوات النظرية لا تزال نظرية حتى الآن، ولكنها سرعان ما يمكن أن تتحول إلى أمر واقع بفضل جهود علماء الفيزياء وغيرهم، وما يحققونه من تقدم سريع في أبحاثهم وتطبيقاتها.
أما ما يتعلق منها بما وراء المادة وهي المواد الاصطناعية التي لها خواص غير معتادة يمكن أن تستخدم لصنع أدوات للاختفاء، فإن تقدماً يتم إحرازه باتجاه الاستخدام الأول لهذه الأدوات في كسر موجات الرادار أو الموجات الكهرومغناطيسية المستخدمة في الهواتف المحمولة، والاستفادة بالتالي من هذه التقنيات في حماية الأفراد من الإشعاع المنبعث من الهواتف المحمولة والأجهزة الالكترونية. إذن فطاقية الإخفاء هذه لم تقف عند حدود متعة الخيال بل أصبحت إضافة في سبيل سلامة الإنسان، وسبباً من أسباب رفاهيته.
فهل سنعود إلى كتب الماضي لنستلهم منها لمخترعاتنا واكتشافاتنا، أم ترانا نكمل طريقاً سبقتنا إليها أمم قبلنا نسير فيها ولا نعرف إلى أين سنصل بها أو تصل بنا؟!.. وهل سنعمد إلى إخفاء الأشياء أولاً ومن ثم إخفاء الإنسان نفسه في قادم أيامه ليتحقق الحلم كاملاً؟!.. ربما.


مجلة الأدب العلمي  العدد الثالث والرابع  وجهة نظر

0 comments: