Posted by Scientific Literature magazine مجلة الأدب العلمي | 0 comments

غرائز الحيوان .....الأدب العلمي العدد الثلاثون


أ.د. طالب عمران

يطير الخفاش أو الوطواط في الظلام وحركته سريعة جداً حتى في الأماكن الضيقة.. ورغم ذلك لا يرتطم بأي مانع.. ولكن لماذا يطير مثل هذا الحيوان الثدي العجيب بكل هذه الجرأة، دون خوف، إنه يطير في الظلام كما يطير أي طائر آخر في وضح النهار.. ولو طار في نفق مظلم طويل ضيق فإنه سيخرج من طرفه الآخر دون أن يرتطم بشيء.. ما هو السر في قدرة الوطواط على هذا الطيران القوي الدقيق؟
الخفاش يعتمد على أذنيه في الحركة لا على عينيه الضعيفتين. فلو قطعت أذناه لا يتمكن من الطيران دون أن يرتطم بحاجز.. في حين أنه لو قلعت عيناه فإنه سيستمر في طيرانه بنفس المهارة المعهودة..
اكتشف العلماء أن طيران الوطواط في أثناء الليل بالضبط يشبه طيران الطائرات التي تطير اعتماداً على الرادار دون طيار.. وهي تطير في كل الاتجاهات وتتعرف على الأهداف بتحركاتها عن بعد بواسطة الرادار.. ولكن هل يوجد ما يشبه الرادار في جسم الوطواط؟ لو تركنا وطواطاً يطير في غرفة فيها مستقبله صوت بإمكانها تحويل الأمواج فوق الصوتية إلى أمواج صوتية، فإن الصمت سيتلاشى بواسطة أصوات قوية جداً في أرجاء الغرفة نتيجة تحويل أمواج فوق الصوت إلى صوت.. سيتضح أن هذا الطائر الهادئ يرسل أثناء الطيران من عنده في كل ثانية من ( 30 ) إلى ( 60 )  مرة أمواجاً فوق صوتية.. ولو قمنا بإجراء هذه التجربة في مكان قريب من مكان نوم الوطواط ووضعنا مستقبله في ذلك المكان فإننا سنسمع نفس الصوت القوي.. ولكن أين يقع جهاز إرسال الأمواج فوق الصوتية في جسم الخفاش أو الوطواط؟ يقول العلماء إنه من المحتمل أنه يرسل هذه الأمواج من حنجرته.. لأن تركيبة حنجرة الخفاش القوية ذات العضلات المفتولة تميزه عن بقية الثدييات.. إنه يرسل هذه الأمواج من حنجرته عن طريق أنفه.. ثم يستقبلها عن طريق أذنيه.. وأذنه أيضاً ذات تركيب عجيب يختلف عن آذان بقية الحيوانات الثدية أو الطيور.. وجد هذان الجهازان المدهشان في جسم هذا الكائن الصغير.. وجعله يستخدمها بطريقة معقدة بحيث حفظه من الكثير من المخاطر في طيرانه الليلي..
هل يمكن أن نرى نباتات في حديقة أو أزهار جميلة نامية بألوانها الزاهية، دون أن نرى حشرات حولها.. هناك صداقة حميمية بين أنواع من الحشرات وبين الأزهار والنباتات.. إن اللون الجميل والرائحة الزكية لهما أثر مهم في جذب الحشرات إلى الأزهار، والتجارب التي أجريت على النحل تؤكد أنها تعرف الألوان الجيدة وتشم الروائح الزكية.. إن الأزهار تجمل نفسها حتى تجذب الفراشات الذواقة والدبابير التي تمتص رحيقها وتتغذى، وإذا كانت من النحل تحول الرحيق إلى عسل.. وهذه الحشرات تنقل غبار الطلع من زهرة إلى زهرة حيث يتم اللقاح وتنتج الثمار الجيدة.. إن أجساد الحشرات الطائرة المتنقلة بين الزهر لها أشعار متشابكة وأرجلها مغطاة بالوبر وهذه أدوات تؤثر في حمل غبار الطلع الدقيق على هذه الأوبار والأشعار، حتى تنقلها أزهار أخرى.. والغريب أن هذه الحشرات هي التي تجري عملية التلقيح، ولا تقبل الأزهار التلقيح بغبار الطلع إلا من قبلها، فحتى الرياح التي تذرو غبار الطلع قد لا تنجح في عمليات التلقيح.. إن شجرة ( الوائيل ) التي تنمو في غابات المكسيك تلقح بواسطة نوع خاص من النحل الجبلي.. بحيث لو نقلنا شجرة الوائيل إلى بلاد ليس فيها نحل جبلي فإنها لن تثمر أبداً اللهم إلا بواسطة التلقيح الصناعي .. في العالم الذي نعيش فيه كثير من الحيوانات السامة، كالثعابين والعقارب وبعض العناكب والحشرات الأخرى والحيوانات الزاحفة أيضاً. وسموم هذه الحيوانات تستخدم كوسيلة للدفاع ضد أعدائها وسمومها هي سلاحها القاتل .
وأغلب الحيوانات السامة ليس لها أرجل قوية ولا مخالب ولا أطراف متعددة قوية أيضاً.. فلو حرمت سرح السم.. لكانت ضعيفة لا تستطيع مقاومة ما حولها فتنقرض.. وقد أظهرت التجارب أنه لو لدغت أفعى كبيرة أفعى صغيرة فإن الأفعى الصغيرة ستموت.. وإذا لم تمت فستكون منيعة ضد سموم شبيهاتها مهما كانت تلك الشبيهات سامة.. وقد استخدم الإنسان السم في تركيب أدوية ناجعة، فقد تمكن العلماء من إنتاج لقاح خاص من السموم، يكافح في تسمم الناس، وأنقذ هذا اللقاح الكثيرين من المتسممين.. وسم الأفاعي ذات الأجراس يعالج الصرع ويفيد في علاج الكزاز والجذام وسم الكوبرا يسكن آلام مرض السرطان.. وهناك سموم أخرى تعالج التشنجات العضلية وتخدر الأعضاء وتعالج أمراض القلب..

مجلة الأدب العلمي  العدد الثلاثون

0 comments: