عقول مفكرة ...الأدب العلمي العدد الحادي عشر

أ.د. طالب عمران

غالباً ما يكون المستفيدون من بعض الأفكار الجديدة والقادرون على تنفيذها، غير أصحابها، ولابد من نقل اقتناع صاحب الفكرة وحماسته المتقدة للمنفذين والمستفيدين منها، حتى يبدأوا بتنفيذها ونقلها إلى الواقع.. والأفكار الجديدة دليل قدرة الإنسان على العطاء وكل الأفكار تبدأ خيالاً، وقد ينجح هذا الخيال أحياناً، ولكنه أساس ملكات الابتكار والاختراع والتطور بجميع صنوفه.. وربما كان العالم الداخلي للإنسان هو الأساس في توليد الأفكار الجديدة، وربما كان مستودع النبوغ والتفوق..

والخيال المرتبط بالبحث عن حلول لمشاكل الإنسان قدم أفكاراً مبتكرة تحولت إلى اختراعات، ومازال الخيال العلمي يحمل بذور مكافحة هموم المستقبل البشري المهدد بتحولات خطيرة نتيجة فوضى استخدام العلم.. قد تدفع المصادفة أحياناً في توليد الأفكار الجديدة وهو مفهوم قد يكون مناقضاً للمنطق العلمي إلا أنه يحدث أحياناً..

لقد اكتشف(هرتز) الموجات اللاسلكية عندما لاحظ انطلاق شرارة من أحد الأجهزة الكهربائية التي كان يجري عليها أبحاثه، ودرس سبب هذه الشرارة فأوصلته هذه الدراسة لاكتشاف موجات اللاسلكي.. واكتشف (رونتجن) الأشعة السينية عندما نسي نقل شاشة مضيئة من فوق أنبوبه أشعة (كاثود) كان يلعب بها في تجاربه.. واكتشف (داغير) طريقة عمل اللوح الحساس للضوء من ملاحظة صورة معلقة فضية انطبعت على سطح معدن معالج باليود فاكتشف بذلك التصوير الفوتوغرافي أو التصوير الضوئي.

وجرب (أديسون) كثيراً مواد غمسها بالسوائل ووضعها بين قطبين متباينين في الشحنة حتى وصل أخيراً إلى المادة التي جعلته يخترع المصباح الكهربائي..

إنه استخدام العقل المنظم والإصرار على البحث الذي قد يأتي بالابتكار والنجاح الهائل.. هناك كثير من الاكتشافات المدهشة، ساهمت الصدفة في كشفها.. إذ يبدأ الباحث في رصد كشف ما .. أتاه بالصدفة ليصل إلى كشف آخر مذهل..

ولاشك أن التطور العلمي مرده إلى العقل الذي هو مرآة دماغ الإنسان، هذا الجهاز الفريد الذي يستند في آفاق منهجه العلمي إلى المنطق الرياضي.. والعقل قد يأتي بالكثير من  الإنجازات، وبواسطة نزعة الإنسان الخيرة، تصبح هذه الإنجازات موجهة لخدمة الإنسان وحل مشاكله المرضية والنفسية والاجتماعية.. ولكن التطور العلمي لم يقم أحياناً بدراسة النتائج السلبية للعلم المرتبط بالجشع ومالها من تأثيرات مباشرة على الإنسان..

مجلة الأدب العلمي العدد الحادي عشر  تحت المجهر